للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خليقان أن يتواطأ على طريقة يسلكانها في القيام بأعباء وظائفهما حتى لا تمسه يد أجنبية منه. وأعلم أن الوالد الكيس الحكيم وإن كان جاهلاً أرجي منفعة للطفل وأقدر على تعليمه من أشد العلماء رسوخاً في العلم وبسطة فإن الحكمة قد تفعل ما لا تفعله المواهب.

ورب معترض يقول ولكن على الأب عدا ذلك أعمالاً وواجبات لا مذهب له عن أدائها وأنى له أن ينهض بذلك جميعه إذا كنت تجمله ما ينوء تحته؟ بلى فإن عليه واجبات وأكبر ظني أن آخر ما ينبغي القيام به منها هو واجبه نحو ولده.

إذا كانت الزوجة ترغب عن إرضاع ولدها أنفة واستنكافاً فليس بعجيب أن ينتفي الأب من تربيته ويعدها مسقطة له من الأعين على أني لست أعرف صورة أملأ للعين وأملك للطرف من الحياة العائلية ولكنها صورة لا يتم حسنها إلا باجتماع أعضائها فإذا فقد شيء منها صارت صورة العيوب ومثال المساوي ومجتمع المقابح وإذا كانت الأم أضعف من أن تستطيع النهوض بأعمال الظئر اختلطت على الأب أموره وانتشرت عليه واجباته وتفرقت. لهذا لا لشيء آخر ينفي الأب بنيه عن بيته ويرسلهم إلى المدارس الداخلية والأديرة والكليات فتمحو المشاغل صورة عشهم من صدورهم وتسقيهم عنه سلوة فإذا عادوا إلى عشهم الذي درجوا فيه وجدت أفئدتهم فارعة خلوا من الحنين الذي يستوقد الضلوع وتلتعج في الأحشاء نيرانه حتى ليكاد الأخ لا يعرف أخته.