للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

رماد ذلك لإشعال جذوة القلوب كل هذا لا يكسبك إلا إعجاب الأحداث والأغرار ولا سبيل إلى أكثر من ذلك من النجاح ما لم يكن لك من قلبك دافع ومن نفسك أي وجدانك عامل إذ لا طريق للوصول إلى القلوب إلا بما تعمل القلوب.

ونيار - وهو مطأطئ الرأس أمام هذا النصح وعيناه تتقدان - إذاً أنت لا تعتقد أيها الأستاذ أن الاختبار والتجربة في الخطابة والمران على الفصاحة والبلاغة على هذه الصورة في شيء من إنجاح شأن الخطيب على أني لعمري في حاجة إلى سماع بلاغتك ودرر ألفاظك لأني بفضل تعليمك يمكنني كسب القلوب ولا سيما قلب ذياك الجمال الذي بهرني. . .

فوست محركاً رأسه - كلا كلا لا تعتقد ذلك يا بني وثق أن الحب سراب لامع يخدع عينيك ففر منه واستمسك بالأمور الجدية. أجل يا ونيار دعك من القشور وعليك باللباب. اترك المحسنات والتكلفات وعليك بحسن الذوق وصدق النية تفز بالنجاح ولا تقع في الشطط والخطأ الصريح.

ونيار - ولكنك أيها الأستاذ طالما علمتني أن من أصول البلاغة والفصاحة. . .

فوست مقاطعاً وهو رافع ذراعيه إلى العلاء - أنني معرض للخطأ وواجبي يقضي على الآن بإصلاح ما أفسدته عليك.

ما هذا الذي اتخذته مبدأ لك من خلب العقول بفصاحة لسانك لاستجلاب رضا امرأة. لا جرم أنه شر مبدأ يجب الإقلاع عنه.

ونيار - أنك أيها الأستاذ العظيم لم تكن تجري ذكر النساء قبلاً قط على لسانك. على أنه يلزم الإنسان لتجميل حياته الدنيوية القصيرة أن يلطفها بشيء من المسرات بمشاهدة امرأة له يسكن إليها ويتلذذ بسماع حديثها فإن إدامتي الاشتغال بالمؤلفات العتيقة والمقارنة بينها ينهك قواي فلذلك أسعى إلى إعطاء نفسي شيئاً من الراحة واللعب والمسرة دون أن أهمل مع ذلك حق العلم والحقائق التي أزاول تعلمها.

فوست - إن هذه الحقائق لهي التسلية الوحيدة لقلبك فلا تفارقها ولا تعلق قلبك بشيء سواها ولكن ما هو اسم الفتاة التي تحبها يا ونيار؟

ونيار - لا أعرف اسمها.

فوست - يجب أن تسلو هذه الفتاة وأن تدعها لخاطبها ولا تفسد على الناس بناتهم ولا تعكر