للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

على العائلات صفوها فيما تختار لبناتها أما نحن فلنكب على العلوم فهي مسلاتنا الوحيدة يا صديقي وأنها لأعلى منزلة وأسمى مقاماً ويسمع دق الساعة الواحدة بعد منتصف الليل.

فوست - أسمعت. لا جرم أننا قد أطلنا السهر فينبغي أن نقف عند هذا الحد من سمرنا الليلة.

فيقف ونيار ويمسك مصباحه ويتهيأ للخروج وينهض فوست أيضاً.

ونيار - وهو خارج لقد كان بودي أن يطول سمرنا وحديثنا العلمي الشهي لولا أن يوم غد عيد الفصح المبارك ويجب أن نستريح لاستقبال العيد فاستودعك الله أيها الأستاذ الجليل.

فوست - في حراسة الله يا بني.

(المنظر الخامس) حين يخرج ونيار ويغلق فوست الباب ثم يأتي إلى كرسيه ويقبع فيه وهو يقول:

فوست - أيصدق حدسي ويكون ونيار تلميذي خصمي ومزاحمي في حب مرغريت لعلي أكون واهماً على أن ميفستوفيليس رأ الشياطين قد وعدني بأن تكون هذه الفتاة لي وحدي وأن قوته وسلطانه لحريان بأن ينيلاني مرغوبي ويبلان غليل نفسي الذي يؤجج النار في الحشا، ويلاه أيقوم بنفسي وأنا الأستاذ الكبير والعالم النحرير أمثال هذه المنازع حتى صرت بعد أن كنت أعشق العلم وأسفاره أصبو إلى امرأة وأود لو أني جاثٍ أمامها الآن على الركب.

ويبقى برهة غارقاً في أفكاره ثم يقول كأنه يخاطب تلميذه ونيار متهكماً به.

فوست - سر في أوهامك يا ونيار ما شئت أن تسير واتعب في التنقيب عن العلم وتحر البلاغة ما وجدت إلى ذلك سبيلا، لا جرم أن هذه المنازع واللذات لا تسر إلا أصحاب العقول القاصرة مثل عقلك على أنه ينبغي لي أن أخفض الصوت في هذا المكان الذي ظهر لي فيه الشيطان وأني لأشكر له صنعه وأحمد إليه عطاءه وما مناني إياه وأراني أشعر بما يدب في جسمي من الحياة اللذيذة التي وعدني بها غير أني أخشى أن يكون ما شاهدته ووعدني به غروراً واضعات أحلام سقطت أو تسقط بي إلى الحضيض وقد أضيف إليها شهوة جديدة تزيد متاعبي وتنغيص عيشي.

ثم يقف بجوار فراشه ويقول: