للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ولياليّ في الجزيرة والجيزة ... فيما اشتهيت من لذات

بين روض حكي ظهور الطواويـ - س وجو حكى بطون البزاة

حيث مجرى الخليج كالحية الرقطاء ... بين الرياض والجنات

فقلت لقد صدق وأجاد. فهذه الجيزة عن يميني والجزيرة عن يساري. وهذا الروض في الأرض. والسماء في الفضاء لا تزال كما وصف. والنيل في مجرى الخليج يجري كما كان. وها هي مراكبه مصعدة منحدرة. فكل شيء في قول البهاء باق على عهده إلا قائله:

هي الدار ما حالت لعمري عهودها ... ولا افتقدت من زيها غير ناسها

وكذلك نرى كيف تقصر حياة الفرد في خلود النوع. فكم أينعت هنا زهرة بعد زهرة. وجرت قطرة على أثر قطرة. وهبت نسمة خلف نسمة. وأقفر روض فأزهر روض. وأقوت دار فقامت دار. ومات رجل فنشأ رجل. تغيرت الأجزاء والكل باق لم يتغير. ولعلي جئت بعد ذلك القائل لأقول:

أيها النيل كم سقيت ثغوراً ... وزهوراً على الربي باسمات

كوثر الأرض أنت في مصر هيها - ت تجاري في الطيب والنفحات

قد سوا ماءك الطهور قديماً ... وأنابوا إليك بالصلوات

كم عروس زفت إليك وأنت البا - رد الصدر من غرام البنات

فتعوضت عن زلالك منهم ... بدموع الآباء والأمهات

كنت تروي من أصبح اليوم ظمآ - ن ببطن الثرى لماء الحياة

كم توالى الورى وأنت كما كنت ... م قديماً تجري بغير التفاف

إنما العيش ما استطال حياة ... لممات وألفته لشتات

وبعد سبعة قرون. ربما أعاد الزمان تمثيل هذا المنظر على ملعب الطبيعة فتراءى بنيله ومراكبه وروضه وجوه وشاعره. فماذا عسى ذلك الشاعر سيقول؟؟

٣

سارتور ريزارتوس

لنا صديق أديب، خلع عليه السعد برداً قشيباً بعد أن درجه الزمن في برد من القطوب والشحوب. فكان كأنما ولد فيه من جديد أو كأنما تقمصت روحه بدناً غير بدنه. وكان -