أطال الله بقاءه - قد أيس أهابه من أن يلامس دثاراً مفصلاً قبل ذلك الدثار الأخير. الذي لا يضن به الدهر على غني أو فقير. وقد كان لا يروقه منا أن ندعو له بطول البقاء ويتمثل قول المعري:
تدعو بطول العمر أفواهنا ... لمن تناهى القلب في وده
نفرح أن مد بقاء له ... وكل ما يكره في مده
فأما الآن وقد خلع أطماره الأولى على البؤس ونضى عنه معها تلك الحياة الرثة ليلبس حياة أبناء الزي والجديلة. فأحسب أنه قد اقترن أجل الحلة بأجله. نبات يطلب البقاء لأجلها أن لم يكن لأجله.
وقد أرسل إلينا هذه الدعوة.
حضرة الصديق
أتشرف بدعوتكم لحضور الاحتفال بتدشيني في أهابي الجديد وذلك مساء يوم الاثنين الثاني عشر من شهر فبراير المبارك! في المنزل. . . . . أبقاكم الله رافلين في سرابيل الصحة والعافية. الداعي
فلبينا الدعوة سراعاً. وكيف لا نلبيها وهذا مشهد لا تراه العين مراراً؟؟
أذاعوا أن الشمس سيعروها الكسوف يوماً من الأيام. فأهرع المنجمون من كل فج إلى مصر. يقلبون في أسطر لاباتهم عيوناً ويسدون إلى ذكاء آماق المجاهر والمقربات.
ثم قفلوا إلى بلادهم وقد حسبوا أنهم آبوا بالغنم الكبير. والعلم الوفير. فهل ترى مشهد أم الضياء في أزرها السوداء. أغرب في مجرى الطبيعة من ظهور صديقنا الأسود في ذلك الكساء الوضاء!!
ثم استقربنا المقام. وكان صديقنا يدور بيننا في ثيابه الأولى. فما هو إلا أن غفلنا عنه فتسرب إلى غرفته ثم برز لنا في حلته الطريفة. فكان كأولئك الممثلين الذين يدخلون في أسمال المتسولين. ثم يأوبون من باب آخر في طيالسة الملوك والسلاطين. فأنكرناه وما عرفناه. فقال عجباً! أكذلك تنسون صديقكم القديم!! ثم ضحك ضحكته التي نعرفها. فصحنا جميعاً نعم نعم. عبد الكريم! عبد الكريم!
وما ابتدع صاحبنا بحفلته بدعاً فذلك أمر عرفته الأمم منذ كانت. فلا ترون الملوك يقيمون