للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحسن في أذهاب الروع عنه وإزالة الخوف من أن أريه وجهاً حسناً بملك طرفه ويستولي على ميله ثم أشير إلى بعضهم أن ضعه على رأسك حتى إذا ما فعل ضحكت وضحك الجميع وضحك أميل مثلهم ثم لا أزال أروضه على رؤية هذه الوجوه وآخذه بذلك وأريه الأقبح منها فالأقبح حتى يتم لي ما أريد وحتى يضحكه منها أشنعها صورةً وأفظعها منظراً وما أحسبك إلا عالماً بما كان من أمر هكتور مع غلامه لستيانكس حين راعه من خوذة أبيه ريشها فأنكره ولم يعرفه وأخذه الرعب فبكي وتشبث بأذيال ظئره وأمه تنظر إليه وعلى فمها ابتسامة والدمع يترقرق في عينها، وهل تدري بأية حيلة سكن هكتور من جأش ولده، لقد تناول الخوذة وألقاها على الأرض ثم قبله. ولو أني كنت موضعه لما وقفت عند هذا القدر ولتناولت الخوذة وجعلت أعبث بريشها وحملته على العبث به أيضاً ثم لأمرت ظئره أن تضع الخوذة على رأسها وهي تضحك - لو أن امرأةً تقوى على حمل خوذة هكتور وعلى هذا النحو أيضاً أجرى مع أميل ليألف الأصوات المفزعة من مثل صوت البنادق وما إليها. فأضرم على مرأى منه (رشاً) في مسدس فان وميضه وبرقه خليقان أن يفرحاه ثم أعيد ذلك وأزيد مقدار البارود وهكذا أتدرج به وأروضه حتى يألف صوت الرصاص والقنابل والمدافع وما هو شر من ذلك وأفظع.

وبعد فإن أكثر شيء في الطفل البكاء وهذا أمر طبيعي لأنه لمل كان إحساسه فهو يتمتع به في سكون مادام لذيذاً طيباً فإذا آلمه منه شيء أعلن بثه وشكاك ما يجد عللك تساعفه بما ينفس كربته ويذهب عنه شدته والطفل إما أن ينام أو ينفعل لما يقع ويتأثر لأنه لا يستطيع أن يغضي عن شيء مما يرى ويحس والطفل لا يبكي إلا إذا عانى برحاً أو كانت به حاجة لا سبيل له إلى سدها وقضائها فإن اهتدى إليها أهله أو القائمون عليه أسعفوه بها وإلا لجّ في الاستعبار واسترسل في البكاء وهم يلاطفونه ليرقأ دمعه وتغيض عبراته أو يغنونه ليأخذه النوم ويخمد أنفاسه النعاس وربما أرفض صبرهم وضاق ذرعهم فتهددوه وتوعدوه بل ربما ضربوه كما تفعل بعض المرضعات اللواتي لا خلاق لهن ولا أدب. فالله ما أغرب هذه التربية وما أعجب هذا التهذيب.

إن معالجة الغضب في الأطفال والحنق والعناد والبكاء وما إلى ذلك مطلب صعب ومرام معضل لا بد فيه من حسن التدبير وأصالة الرأي وبعد مسافة النظر وطول حبل الأناة ومن