للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العسكرين هو أنهم علينا. قال: فافعل فتقدمت إليه حتى اختلفت أعناق دوابنا وجمعنا أرجلنا على معارفها وجعلنا نأكل والناس قد غلبوا ضحكاً. فلما استوفينا ودعني فقلت له إن هذا الجاهل إن أقمت على طلب المبارزة ندبني لك فتتعب وتتعبني فإن رأين أن لا تبرز اليوم فافعل قال قد فعلت ثم انصرف وانصرفت فقلت لروح أما أنا فقد كفيتك قرني فقل لغيري يكفيك قرنه.

وخاصم رجل أبا دلامة في داره فارتفعا إلى (عافية) القاضي فقال أبو دلامة:

لقد خاصمتي دهاة الرجال ... وخاصمتهم سنة وافية

فما أدحض الله لي حجة ... ولا خيب الله لي قافية

ومن خفت من جوره في القضا ... فلست أخافك يا عافيه

فقال له عافية أما والله لأشكونك إلى أمير المؤمنين ولأعلمنه أنك هجوتني فقال إذن يعزلك قال ولم قال لأنك لا تعرف المديح من الهجاء. فبلغ المنصور ذلك فضحك وأمر لأبي دلامة بجائزة.

ودخل أبو دلامة على المهدي وسلمة الوصيف واقف فقال: إني قد أهديت إليك يا أمير المؤمنين مهراً ليس لأحد مثله فإن رأيت أن تشرفني بقبوله فمر بإدخاله فقال أدخله فخرج أبو دلامة وأدخل فرسه الذي كان تحته فإذا هو برذون محطم أعجف هرم فقال له المهدي أي شيء ويلك هذا ألم تزعم أنه مهر فقال له أو ليس هذا سلمة الوصيف بين يديك قائماً تسميه الوصيف وله ثمانون سنة وهو بعد عندك وصيف فهذا مهر فجعل سلمة يشتمه والمهدي يضحك. ثم قال لسلمة إن لهذا منه أخوات وإن أتى بمثلها في محفل يفضحك فقال أبو دلامة إي والله يا أمير المؤمنين لأفضحنه فليس في مواليك أحد إلا وقد وصلني غيره فإني ما شربت له الماء قط قال فقد حكمت عليه أن يشتري نفسه منك بألف درهم حتى يتخلص من يدك قال سلمة قد فعلت على أن لا يعاود قال أبو دلامة أفعل ولولا أني ما أخذت منه شيأ قط ما استعملت معه مثل هذا فمضى سلمة فحملها إليه.

ودخل أبو دلامة على المهدي وهو يبكي فقال له مالك قال ماتت أم دلامة وأنشد:

وكنا كزوج من قطافي مفازة ... لدى خفض عيش مونق ناضر رغد

فأفردني ريب الزمان بصرفه ... ولم أر شيأ قط أوحش من فرد