للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصفقت بيدها إلى جاريتها فاستجابت لها قالت قولي لفلانة البسي عليك ثيابك وعجلي وبالله لا تمسي غمراً ولا طيباً فحسبك بدلالك وعطرك قال فإذا جارية أقبلت ما أحسب أن الشمس وقعت عليها كأنها دمية فسلمت وقعدت كالخجلة فقالت لها الأولى إن هذا الذي ذكرته لك وهو في هذه الهيئة التي ترين قالت حياه الله وقرب داره قالت وقد بذل لك من الصداق دينار قالت أي أم أخبرتيه شريطتي قالت لا والله يا بنية لقد نسيتها ثم نظرت إليّ فغمزتني وقالت أتدري ما شريطتها قلت لا قالت أقول لك بحضورها ما أخالها تكرهه. هي والله أفتك من عمرو بن معد يكرب وأشجع من ربيعة بن مكدوم ولست بواصل إليها حتى تسكر ويغلب على عقلها فإذا بلغت ذلك الحال ففيها مطمع قلت ما أهون هذا وأسهله قالت الجارية وتركت شيئاً آخر قالت نعم والله أعلم أنك لن تصل إليها حتى تتجرد لها وتراك مجرداً مقبلاً ومدبراً قلت هذا أيضاً أفعله قالت هلم دينارك فأخرجت ديناراً فنبذته إليها فصفقت صفقة أخرى فأجابتها امرأة قالت قولي لأبي الحسن وأبي الحسين هلما الساعة فقلت في نفسي أبو الحسن وأبو الحسين هو علي بن أبي طالب قال فإذا شيخان خاضبان نبيلان قد أقبلا فصعدا فقصت المرأة عليهما القصة فخطب أحدهما وأجاب الآخر وأقررت بالتزويج وأقرت المرأة فدعوا بالبركة ثم نهضا فاستحييت أن أحمل المرأة شيئاً من المؤنة فأخرجت ديناراً آخر فدفعته إليها وقلت اجعلي هذا لطيبك قالت يا أخي لست ممن يمس طيباً لرجل إنما أتطيب لنفسي إذا خلوت قلت فاجعلي هذا لغذائنا اليوم قالت أما هذا فنعم فنهضت الجارية وأمرت بإصلاح ما يحتاج إليه ثم عادت وتغدينا وجاءت بداوة وقضيب وقعدت تجاهي ودعت بنبيذ فأعدته واندفعت تغني بصوت لم أسمع مثله قط فإني ألفت القينات نحواً من ثلاثين سنة ما سمعت مثل ترنمها قط فكدت أجن سروراً وطرباً فجعلت أربع أن تدنو مني فتأبى إلى أن غنت بشعر لم أعرفه وهو:

راحوا يصيدون الظباء وإنني ... لأرى تصيدها عليّ حراما

أعزز علي بأن أروّع شبهها ... أو أن تذوق على يديّ حماما

فقلت جعلت فداك من يغني هذا قالت اشترك فيه جماعة هو لمعبد وتغني به ابن شريح وابن عائشة فلما نعى إلينا النهار وجاءت المغرب تغنت بصوت لم أفهمه للشقاء الذي كتب علي فقالت: