للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الهام عن الطبيعة حينما تقدم إليها أنت لتصدر حكمها فيك هو أفيك أقذار وأكدار أم لا وإنما هو أفيك جوهر حق وروح صدق أم لا أو بعبارة تشبيهية ليس السؤال الهام عند الطبيعة هو أفيك قشور أم لا بل أفيك قمح؟ أيقول بعض الناس أنه نقي إني أقول له نعم نقي - نقي جداً ولكنك قشر - ولكنك باطل وأكذوبة وزور وثوب بلا روح ومجرد اصطلاح وعادة وما امتد بينك وبين سر الكون وقلب الوجود سبب ولا صلة والواقع أنك لا نقي ولا غير نقي وإنما أنت لا شيء والطبيعة لا تعرفك وإنها منك براء.

نحن سمينا الإسلام ضرباً من النصرانية ولو نظرنا إلى ما كان من سرعته إلى القلوب وشدة امتزاجه بالنفوس واختلاطه بالدماء في العروق لأيقنا أنه كان خيراً من تلك النصرانية التي كانت إذ ذاك في الشام واليونان وسائر تلك الأقطار والبلدان - تلك النصرانية التي كانت تصدع الرأس بضوضائها الكاذبة وتترك القلب ببطلانها قفراً ميتاً! على أنه قد كان فيها عنصر من الحق ولكنه ضئيل جداً وبفضله فقط آمن الناس بها وحقاً أنها كانت ضرباً كاذباًَ من النصرانية كالدعي بين الأصلاء ولكنها ضرب حي على كل حال ذو حياة قلبية وليست مجرد قضايا قفرة ميتة.

ونظر محمد من وراء أصنام العرب الكاذبة ومن وراء مذاهب اليونان واليهود ورواياتهم وبراهينهم ومزاعمهم وقضاياهم - نظر ابن القفار والصحاري بقلبه البصير الصادق وعينه المتوقدة الجلية إلى لباب الأمر وصميمه فقال في نفسه الوثنية باطل وهذه الأصنام التي تصقلونها بالزيت والدهن فيقع عليها الذباب أخشاب لا تضر ولا تنفع وهي منكر وفظيع وكفر لو تعلمون إنما الحق أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له خلقنا وبيده حياتكم وموتكم وهو أرأف بكم منكم وما أصابكم من شيء فهو خير لكم لو كنتم تفقهون.

وإن ديناً آمن به أولئك العرب الوثنيون وأمسكوه بقلوبهم النارية لجدير أن يكون حقاً وجدير أن يصدق به وإن ما أودع هذا الدين من القواعد هو الشيء الوحيد الذي للإنسان أن يؤمن به وهذا الشيء هو روح جميع الأديان - روح تلبس أثواباً مختلفة وأثواباً متعددة وهي في الحقيقة شيء واحد وبأتباع هذه الروح يصبح الإنسان إماماً كبيراً لهذا المعبد الأكبر - الكون - جارياً على قواعد الخالق تابعاً لقوانينه لا محاولاً عبثاً أن يقاومها ويدافعها ولم أعرف قط تصريفاً للواجب أحسن من هذا والصواب كل الصواب في السير