للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تمشت حمياً الكأس في مفاصلى فكانت ساعة نشوة وطرب إذ كل شئ عند ناظرك وفى مسمعك يحدثك عن صاحبتك ومحبوبتك، وبدت الطبيعة مشرقة كأنها يتيمة ذات ألف محياً نقش على كل محيا اسم الحبيب.

كنا نعانق كل من نرى يبتسم ونشعر أننا أخدان لكل مرزوق حى.

وقد اتعدنا أنا وصاحبتى إلى الليل فأدنيت الكأس مترفقاً إلى شفتىّ وأنا أنظر إليها وأجلو في صفحتها العين.

وإنى لأتلفت أريد صفحة إذ سقطت (شوكتى) فملت لآخذها فلم أجدها فرفعت غطاء المائدة أنظر أين تدحرجت فإذا قدم صاحبتي فوق قدم فتى نشأ كان جالساً إلى جنبها وقد التفت الساق بالساق، وتعاطف الجسمان، وهما يلتحمان فى رفق بين آن وآن. فأخذت مجلسي ساكناً وطلبت غيرها وعدت أبلغ العشاء.

هذا وخليلتي وجنيبها هادئان وادعان قل ما يتخاطبان ولا يتلاحظان واعتمد الفتى بالمائدة وهو يداعب امرأة أخرى أبدت له من عقده وأساورها.

جلست خليلتي فى دعة آمنة وعيناها مستقرتان ولحاظها مراض فاترات وراقبتهما آخر العشاء فلم أر من حركاتهما ولا اكتشفت فى معارفهما أثراً يفضحهما.

حتى إذا رفعت المائدة وانبسطت الأيدى للنقل جعلت المنشفة تسقط متعمداً وملت أطلبها فإذا هما مشتبكان ملتصقان.

لقد كنت وصاحبتى على موعد أن أصحبها الليلة إلى مغناها إذ كانت عزباً تروح كما تشاء وتغتدي تساكنها عجوز كوصيفة لها.

وإني لأجتاز البهو نافراً إذ نادتني من جانب الشرب تقول أى أوكتاف، تعال نرحل. فها أنا عند عينيك!.

فتضاحكت من قولها وانطلقت غير مجيب وما كدت أمشي بضع خطوات حتى تهالكت على ثنيسة هناك ولا أعلم ماذا اختلج في تلك الساعة بخاطرى.

لكأنى أصابنى مس من الجنون أو لكأنى عدت أبله ممروراً من أجل خيانة هذه المرأة وما كنت يوماً عليها غيوراً ولا أدركت عليها غدراً ولا رابنى من فعلها ريبة أما وقد رأيت فلا سبيل إلى الريب ولا موضع للتجنى.