للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

غرّ بها وخدع فيها فحسبها نعماً وفوائد وبينا نحن نتأمل خليط المصائب. ومزيج النوائب. صدر أمر إلا له الأكبر أن يستبدل كل امرئ بمصابه ويرجع إلى مثواه بحظه الجديد.

عند ذلك تحركت الوهم وقسمت الكثيب في أخف نشاط وأكمل سرعة فأعطت كلاً نصيبه وكأني باليراع يعجز أن ينعت ما حدث إذ ذاك من هرج ومرج ثم كانت أمور كثيرة أذكر الآن بعضها:

رمي شيخ كبير على كثيب المصائب علة كانت في بطنه وكان عاقراً يتمني ولداً يكون عماد شيخوخته ووارث ثروته فمدّ يده ليعتاض من دائه الذي طرحه فاختطف ولداً فاجراً عاقاً كان آفة أب له وكان ذلك الأب قد نبذه في النبائذ يريد به بدلاً وقد أخذ بدله مرض البطن الذي رمي به الرجل الأول. فلم تمض إلا برهة حتى رأيت ذلك الغلام قد ثار بالشيخ الكبير فأخذ بلحيته وناصيته وهم أن يفلق رأسه. فما هو إلا أن أبصر الأب الأصلي وكان يسعي نحوه ممسكاً بحشاه من وجع المعدة حتى صاح به يرحمك الله وإيانا خذ ولدك بارك الله لك فيه وأعطني علتي ولكن قضى الأمر وكان مالا يكون تبديله. ولا يستطيع تحويله.

يا ابن بوران لا مفرّ من الله ولا من قضائه المحتوم

ورأيت أسيراً مقيداً خلع قيده. وقلع صفده. فاعتاض منه النقرس. ولكن أبدى من التأوه والتأفف والتلوّي والتنزي ما دل على أنه لم يكن في تجارته تلك بالرابح الصفقة.

ولقد كان من الممتع اللاذ أن تبصر ما وقع إذ ذاك من المبادلات والمقايضات من علة بخلة وجوع بفقدان شهوة وهم وتسهيد بأسر وتقييد. أما النساء فكن من تبادل الأعضاء - أعضاء الوجه والجسم - في شغل شاغل فواحدة تستعيض لمة شمطاء من جلدة سمراء. وثانية تأخذ عنقاً قصيراً وتعطى أنفاً كبيراً. وثالثة ترمي عرضاً مفضوحاً. وتلتقط وجهاً مقبوحاً. وما منهن إلا من تدرك في الحال أنها اعتاضت من سيء أسوأ ومن رديء أردأ وكذلك حال سائر الجمع في كل بلية وآفة لعله لأن ما أصابنا به الله مناسب لمقدار صبرنا واحتمالنا أو لأن كل مصيبة تذللها العادة.

فقلت لها يا عز كل مصيبة ... إذا وطنت يوماً لها النفس ذلت

ولقد رحمت من صميم مهجتى ذلك الأحدب الآنف الذكر إذ راح معتدل القامة وافي الشطاط لكن بداء في كلاه. وعلة في حشاه. كما رحمت معاقده ومبايعه الذي راح محدودب الظهر