للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قبل صوغه من الحجر لأن الطين لين يشكله الصوغ أشكالاً يعجبه ويدحوه ويدوره ويمطه ويكسبه ويملؤه ويجوفه ويلزقه. ونحو هذه الأفعال كلها ما يفعله المحدث بالحديث حين يصوغ فيه أفكاره قبل أن تبرزها الكتابة في القالب النهائي والشكل الختامي. - قبل أن تراها فى الكتاب الخالد دمية من العاج أو نحيتة من المرمر. ولي في هذا الموضوع تشبيه آخر. وهو أن الكتابة والطبع كالرمي بالنشاب قد تصيب من ذهن قارئك موضع الفهم وقد لا تصيبه. ولكن الحديث كالتمرين على الرمي متى كان الغرض أمامك وفى الوقت متسع ضمنت لنفسك الإصابة. ليس من السهل على اثنين يتحادثان أن يتفاهما لأنهما كثيرون (هنا نظر أصحاب المائدة بعضهم إلى بعض متعجبين من كلمتي يريدون شرحاً لها وتفسيراً).

قلت إذا كان جون وتوماس مثلاً يتحاوران فسيكون لا شك بين الستة شيء من الخلط وسوء التفاهم.

(هنا اصفرّ وجه ربة البيت. لا ريب لقد حسبتني خولطت في عقلي وذلك أمر يستلزم نقلي من دارها إلى المستشفي ففيه عليها خسارة مادية. فلا غرو أن اصفر وجهها إشفاقاً وقلقاً. أما سائر القوم فرفعوا رؤوسهم دهشة. وخاف الشيخ الذي كان جالساً أمامي أن أتناول سكين الفاكهة فأطعنه فزحزحها جانباً كالذي لا عمد عنده.) قلت أنا كفيل أن أفهم هذا الصبي الصغير كيف أن في كل محاورة تجرى بين اثنين - جون وتوماس - يوجد ستة أشخاص يتنازعون أهداب الحديث.

(٣) جون جون الحقيقي الذي لا يعلمه إلا الله

(٢) جون الموجود في مخيلة جون. هو دائماً مخالف لحقيقة جون مغاير له

(٣) جون الموجود في مخيلة توماس مخالف دائماً لحقيقة جون مخالف كذلك لجون الموجود في مخيلة جون مغاير الاثنين

(٣) توماس توماس الحقيقي

توماس الموجود في مخيلة توماس

توماس الموجود في مخيلة جون

لا يدفع ضريبة إلا واحد من الثلاثة ولا يمكنك أن تزن بالميزان إلا واحداً من الثلاثة. حتى