للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ممثل أن يكون هامليت أولاً ثم تاتشتسون بعد ذلك. ولكن لا تحسبن إذا بدأت حياتك التمثيلية بمظلة بول براي ثم أمسكت بعد ذلك خنجر ماكبيث أن الناس يرونك مجيداً بعد المظلة أعمال الخنجر.

قلت لك أنى لا أستحي أن أضحكك أحياناً. بل إني سأسمعك شيئاً من مضحكاتى يوماً ما إن أنت أحسنت الإصغاء إلى عظاتي ومبكياتي. والمضحكات كائنة في الطبيعة ليست من مبتدعات البشر ولكنها أمر إلهي تمثله النكات العملية من القطط والقردة قبل ظهور المزاحين الكبيرين موليير وشاكسبير. وإني لأعجب للناس أنى تطرق إلى عقولهم هذه العقيدة الغريبة وهى أن الحياة الأخرى - حياة الأبرار في الجنة - أرفع وأشرف من أن يدخلها الضحك والمضحك. حقاً لقد جردوا الأبرار سكنة الجنان من نصف إنسانيتهم. ولقد رأيت كثيراً من هؤلاء الأبرار يهيئون نفوسهم في هذه الحياة إلى تلك العيشة العابسة (حياتهم في الجنة الخالية على زعمهم من الضحك) بطردهم من ساحات صدورهم كل ميل إلى السرور ومن صحائف وجوههم كل لمحة من سنا البشر والطلاقة.

وكثيراً ما أصادف في غدواتي أحد هؤلاء الأبرار العابسين فينظر إلىّ - كمن عرفني - نظرة موحشة ثلجية كأنما هو قاض سماوي قد هبط إلى هذا العالم ليحكم بأقصى العقوبة على كل من يعرف - أقول ينظر إلىّ النظرة كأنما أخذتني سحابة من برد فأسعل في الحال وأحمل إلى دارى من تلك اللحظة برداً يفكك مفاصلي ويوهي عظامي. مثل هذا الرجل يقطع ولا شك ذنب هرته إذا هو عثر عليها تعبث به. بالله سله من علم الهرة أن تعبث بذنبها؟

٣

وصف الشاعر

والنبوغ والعبقرية

إذا نظرت إلى الشاعر من بعض الوجوه رأيته أبداً شيخاً. ورأيت أن أذنه الحديدة تسمع من همسات الأبدية ما ليس تدركه الآذان البليدة إلا بعد أن تقطع نحوه المسافات البعيدة من الوقت. وربما كانت اللمحة الدالة خيراً من النظر الطويل وخطفة البرق من البصيرة النافذة أنفس من تجربة دهر. وكثيراً ما رأيت في صغار الصبية من تطاول عليه البؤس وتمادى