مجدهم، نال من معاهدة (ويستفاليا) أملاكاً واسعة كثيرة، ومن بينها مقاطعة (مجديبورغ) وبلدها الغني، وترك لأبنه (فريدريك) من بعده أمارة لا تقل في شيء عن تلك الإمارات التي لم ينل حاكمها لقب الملك.
وطمحت نفس فريدريك هذا إلى الملك والملكية وكان مفتوناً بالمظاهر سخياً مبذراً، غافلاً عن فوائده الحقيقية، قاعداً عن واجباته، قلقاً يحتال للشهرة التي لا قيمة ولا وزن يقام لها، فلم تتسع على يديه أملاك الحكومة التي هو واليها، ولا ترامت أرض لرعية التي هو راعيها، بل لعله أورثها بنيه وقد حط من شأنها ولم تزدد به قدراً، ولكن نجحت غاية عيشه وفاز بأمنيته فنال لقب الملك في عام ١٧٠٠ واتشح بوشاحه ونودي بجلاله.
وكان يجب عليه عند ذلك أن يحتمل المتاعب التي تصيب الطامعين الحديثي عهد بالسلطة والنعمة.
وكان بين الرؤوس المتوجة في أوروبا أشبه بالإنجليزي التاجر الذي أثرى في الهند وطال هناك غناه فاشترى بالمال لقب الشرف فبدا بين جماعة الأشراف الذين تآمر أجدادهم على أسرتي (يورك) و (لانكستر) المتنازعين على الملك المتقاتلين.
وكان حسد الطبقة التي فارقها، واحتقار الوسط الذي سلك نفسه بين ملوكه، ظاهرين أوضح ظهور.
رفض أمير سكسونيا في أول الأمر أن يقر لذي الجلالة الجديد، بمنصبه السامي البعيد، وجعل لويس الرابع عشر ينظر إلى أخيه المليك مزريابه نظر الكونت في رواية موليير إلى السيد (جوردان) وقد حاز مظهر السيادة لا حقيقتها، وابتزت النمسا منه أشياء طائلة ونفائس كثيرة لكي تعترف له باللقب الحديث، وترضى له بالملوكية واسمها، ثم جادت عليه بعد ذلك باعترافها، من غير ما رقّه ولا أدب.
وخلف م بعده ابنه (فريدريك غليوم) وكان على شيء من المقدرة على الإدارة والنظام، وإن شوه خلقه تلك الشرور المنكرة التي ركبها والرذائل التي لبسها، بل أن الأفعال الشواذ التي كان يأتيها لا ترى إلا في مستشفى المجاذيب.
وكان في تصريف وجوه الأمور دقيقاً نشيطاً. وهو أول من فكر في جعل بروسيا أمة ذات قوة وسلطان بين أمم أوروبا بتعبئة جيش عرمرم شديد وساعده اقتصاده المعنت أن يكفل