للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وبين زوجها كلام أغلظ كل منهما لصاحبه وهو سكران (ما شاء الله) فأمر ابن الثمنة بفصدها في عضديها وتركها لتموت فسمع ولده إبراهيم فحضر وأحضر الأطباء وعالجها إلى أن عادت قوتها ولما أصبح أبوه ندم واعتذر إليها بالسكر فأظهرت قوبل عذره ثم أنها طلبت منه بعد مدة أن تزور أخاها فإذن لها وسير معها التحف والهدايا فلما وصلت ذكرت لأخيها ما فعل بها فحلف أنه لا يعيدها إليه فأرسل ابن الثمنة يطلبها فلم يردها إليه فجمع ابن الثمنة عسكره وكان قد استولى على أكثر الجزيرة وخطب له بالمدينة (بلرم قصبة صقلية) وسار وحصر ابن الحواس بقصريانة فخرج إليه فقاتله فانهزم ابن الثمنة وتبعه إلى قرب مدينة قطانية وعاد عنه بعد أن قتل من أصحابه فأكثر فلما رأى ابن الثمنة أن عساكره قد تمزقت سولت له نفسه الانتصار بالإفرنج لما يريده الله تعالى فسار إلى مدينة مالطة (جزيرة مالطة) وهي بيد الإفرنج قد ملكوها لما خرج بردويل الفرنجي (بغدوين الرابع ملك بلاد فلاندر) سنة اثنتين وسبعين وثلثمائة واستونها الفرنج إلى الآن وكان ملكها حينئذ رجار (روجر النورمندي) فوصل إليهم ابن الثمنة وقال أنا أملككم الجزيرة (حسبه الله) فقالوا إن فيها جنداً كثيراً ولا طاقة لنا بهم فقال أنهم مختلفون وأكثرهم يسمع قولي ولا يخالفون أمري فساروا معه في رجب سنة أربع وأربعين وأربعمائة فلم يلقوا من يدافعهم فاستولوا على ما مروا به في طريقهم وقصد بهم إلى قصريانة فحصروها فخرج إليهم ابن الحواس فقاتلهم فهزمه الفرنج فرجع إلى الحصن فرحلوا عنه وساروا في الجزيرة واستولوا على مواضع كثيرة وفارقها كثير من أهلها من العلماء والصالحين وسار جماعة من أهل صقلية إلى المعز بن باديس وذكروا له ما الناس فيه بالجزيرة من الخلف وغلبة الفرنج على كثير منها فعمر أسطولاً كبيراً وشحنه بالرجال والعدد وكان الزمان شتاء فساروا إلى قوصرة جزيرة صغيرة بالبحر المتوسط تابعة لإيطاليا تبعد عن شواطئ أفريقية بنحو ستين كيلو متراً تسمى الآن عند الإفرنج وقديماً ومنه أسمها عند العرب فهاج عليهم البحر فغرق أكثرهم ولم ينج إلا القليل وكان ذهاب هذا الأسطول مما أضعف المعز وقوى عليه العرب حتى أخذوا البلاد منه فملك حينئذ الفرنج أكثر البلاد على مهل وتؤدة لا يمنعهم أحد واشتغل صاحب أفريقية بما دهمه من العرب ومات المعز سنة ثلاث وخمسين وأربعمائة وولى أبنه تميماً فبعث أيضاً أسطولاً وعسكراً إلى الجزيرة وقدم عليه ولديه أيوب وعلياً