للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يستشف ما كان يكمن من معاني الذكاء واللوذعية تحت ظاهر الغلام من الجفاء والبلادة حتى ضرب الدهر بينهما فأصيب أوليفار وهو لم يتجاوز التاسعة من عمره بالجدري فأقصي عن المدرسة ولما أبل من علته أرسل إلى مدرسة بقرية الفين على مسافة ثلاثين ميلاً من ليسوى وكان الجُدرى قد ترك بوجهه من قبيح الأثر ماصيره ضحكة الناظرين. ومكث بهذه المدرسة عامين كان يعيش أثناءهما مع عم له مقيم بتلك القرية ولكنه ما لبث أن أعيد في عام ١٧٣٩ إلى مدرسة في قرية أثلون على خمسة أميال من دار أبيه بقرية ليسوى فمكث عامين هناك ثم أربعة أعوام بمدرسة ثانوية بقرية أدجورثتون على سبعة عشر ميلاً من قرية الأسرة ولما ترك هذه المدرسة كان قد أتم التعليم الثانوي والعام السابع عشر من عمره.

وفي ذلك الوقت كان قد ركب الأسرة دين فادح وذلك أن زوج إحدى بناته من فتي شريف غني ولم يرد أن يتهمه الناس بأنه فعل ذلك طمعاً في ثروة الرجل فاقترض أربعمائة جنيهاً جعلها مهراً لابنته فأصاب الأسرة من جراء ذلك فاقة ماسة وعسر مقيم. ولم يعد في قدرة الوالد أن يرسل ابنه إلى الجامعة بعد ذلك إلا على أنه فقير معدم يلبس ثوباً خشناً ويؤدي عمل خادم مقابل التعليم والمأوى، فأنف جولد سمث من حال كهذه واستنكف وآثر أن يحترف حرفة ولكنه ما لبث أن رضي بدخول الجامعة على الصورة المتقدمة بإغراء قريب له كان يبجله وستصوب رأيه. ذلك هو العم كونتريني وكان جد هذا الرجل من أهلي فينيس من أعمال إيطاليا قد هاجر إلى ايرلندة قسيس قرية اوران قريب قرية ليسوى. وكان هذا الرجل الفاضل زوجاً لأحدى عمات جولد سميث. وكان أشد الناس محبة للفتى ومبرة به وأعرفهم لكامن فضله ومستسر ذكائه. ولما لم يكن له بعد وفاة زوجته إلا ابنة واحدة خص الفتى من وداده بما كان جاعله لولده لو كان رزقه الله ذاك. فأقسم على جولد سميث إلا ما ذهب إلى الجامعة على اية صورة قائلاً عن نفسه أنه أقام بالجامعة حين أقام بهيئة خادم. فهل كان عليه في ذلك من بأس؟ اللهم لا.

ودخل جولد سميث جامعة دابلين عاصمة ايرلندة بعد ان أجاز امتحاناً مع سبعة طلاب كان آخرهم في جدول القبول. ومع أن الكاتب الكبير والخطيب البعيد الذكر أدموند بيرك كان وجولد سميث طالبين بالجامعة في وقد واحد إلا أنه لخمول أوليفار وخفائه تحت ظلال