للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفقر والمسكنة لم يكد يلفت إليه نظر بيرك الذي كان إذ ذاك من نباهة الصوت وسمو المكانة بعكس ما كان عليه صاحب هذه السيرة من غموض الأمر ودقة الشأن فكان بوقوفه على أبواب الجامعة واندماجه في كل مشاجرة تحدث وبقتله الوقت بين الكأس والغناء أشهر لدى طلاب الجامعة منه بالبراعة في مواقف الدرس ومواطن التحصيل. وزاد الخطب شدة وفاة أبيه فانقطع عنه ما كان أجراه عليه من الرزق على قلته. وتبدد شمل الأسرة فرحلت أمه إلى قرية باليماهون وذهب أخوه الأكبر هنري إلى قرية بالا سمو قتولى بها القسوسية بمرتب سنوي قدره أربعون جنيهاً خلاف ما كان ينتظر من رزق يجريه عليه تعليم الأطفال فأصبح جولد سميث وليس أمامه من يؤمل ويرجو سوى العم كونتريني ولكن ماذا عسى أن تبقى إمدادات ذلك الرجل الكريم على تبذير جولد سميث الإبقاء نضحات الماء على الغربال. وكذلك عادت عيشة الفتى سلسلة محن وخطوب وفي شهر مايو من عام ١٧٤٧ وذلك بعد شهرين من وفاة أبيه ثار نفر من الطلبة ضد الشرط وحاولوا أن يكسروا السجن وكان بين الثوار أوليفار جولد سميث فعوقب بالتوبيخ العلني والتهديد بالرفت وفي الشهر التالي تقدم للامتحان فسقط ولكنه أعطى جائزة مقدارها جنيه ونصف في العام ثم ما لبث أن أضاعها بإهماله وجعل لا يمر عليه أسبوع إلا احتال لبضعة قروش أما برهن بعض كتبه أو بأية حيلة أخرى ولكن الله أنعم عليه بنعمة الأمل والأمل رفيق مؤنس إن لم يبلغك فقد ألهاك ومن جملة كراسته كراسة لا تزال محفوظة للآن عليها كتابات تشهد بما كان لجولد سمث إذ ذاك من قوة الأمل وأنه سيكون يوماً ما غنياً موثوقاً به لدى المصارف المالية: خالص: أوليفار جولد سمث - أعد بالدفع: أوليفار جولد سميث وكان مما احتال به لكسب الدراهم نظمه أغاني يبيع كل واحدة منها لكتبي بعينه بمبلغ خمس وعشرين قرشاً ثم تطبع وتباع للمغنين بدابلن فقد كان في ربع الجنيه ثمن كل قصيدة لذة ولكن ألذ من ذلك وأمتع أن تخرج موهناً من الليل فتقف مستنداً إلى بعض العمدان تحت مصباحه وتسمع قصيدة من شعرك يهتف بها ويترنم ثم تدخل يدك في جيبك فتجد به جزأ من ثمنها وقد بقى لك بعد ما أنفقه أليس في هذه اللذة ما يرجع بمضض الفقر وغضاضة الامتهان والخدمة وقسوة عشرة أساتذة كلهم كالمستر ويلدار أستاذ الجامعة بينما كان جولد سميث يرى ذلك إذ أصابته من ويلدار نكبة راح معها يرى أن الأستاذ وحده آفة لا ترجع بها لذة مهما عظمت