للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ركام الثلج يتحرك ولا مناطقه تنحدر وإلا لو فعلت لكان لنا شأن محزن وفاجعة كبرى.

فلما ضرب الليل خيامه سكنت الريح هونا ما ثم لم تلبث أن مضت تاركة الجو كدراً معكراً ولم نستطع مع الضوء صبراً ولم تطق أعيننا رؤيته وكدنا لا نتبين مواقع آثارنا الأولى. ولم نقطع في ذلك اليوم إلا مرحلة واحدة وإن كانت درجة الحرارة لم تزد عن ١٠ ولم نحاول أن نجد في السير ونلج في الرحيل إذ رأينا الكلاب قد أنهكها العدو وشعرت بتأثير جريها المتواصل ولزمنا أن نرفه عنا بعض ذلك الجهد ونتهيأ للغد إذ كنت أتوقع في غد متاعب ومحازن - على أنها بحمد الله لم تقع_من ذلك الجليد الذي سنلقاه في طريقنا.

ورأينا لزاماً علينا أن نسرح بعضاً من كلابنا فاقتصرنا منها على خمسين كلباً. وكان الأحد (١١ ابريل) يوماً صحواً جميلاً طلعت شمسه وبزغت غزالته من بين الغيوم والسحب بعد أن هدمنا خيمتنا وأنزلنا طنبها وكان الهواء رخياً هادئاً ولمشرق الشمس حرارة لذيذة ولبزوغها تألق متوهج ولو لم يكن لدينا مناظيرناالقاتمة اللون لسبب لنا وهج ضيائها مر ضافى أعيننا.

وآثر فينا حسن ذلك اليوم وجدد من همتنا ما أخلقه التعب فسرنا بأسرع من قبل حتى قطعنا مرحلتين.

فلما ضربنا خيامنا وألقينا بالليل عصانا كنا بمقربة من خط ٨٧.

وإلى القراء ما كتبته عن تلك الليلة في مذكرتي فهو يغني عن وصفها مرة أخرى.

(نؤمل أن نصل غداً إلى النقطة التي خلفنا عندها مارفان. ولا يسعد خاطري وينعم بالي إلا أن أكون هناك فوق الثلج الكثيف. فإن هذه المنطقة تكون في شهر فبراير ماء غديراً ولا تزال كذلك أودية تسيل حتى أواخر مارس. أما تلك النقطة فمغطاة بثلج صغير يسهل السعي عليه ويحمد المسير فيه. على أنه ليس بالطريق الآمن ولا الوسيلة المثلى للرجوع. اللهم إلا قليلاً) وأقبل يوم الاثنين فقطعنا مرحلة مضاعفة طويلة الشقة انتهينا عندها إلى درجة ٨٦، ٣٨ وأفضينا منها إلى مخيم (أبريز) وإنما سميت كذلك تخليداً لذكرى أبعد نقطة شمالية وصل إليها دوق أبريز. وكانت مواقع الخطى في بعض الأماكن دارسة لا أثر لها. متقطعة لا ترى. على أننا لم نجد كثير عناء في تتبعها.

وكان اليوم التالي عصيباً سيئاً سرنا فيه مواجهين ريحاً باردة شمالية ترمينا في وجوهنا