السادس عشر وهناك غلينا القدر وأعددنا طعاماً خفيفاً حتى إذا انتهينا اعتزمنا طريقنا حتى صباح اليوم العشرين من شهر ابريل نريد المخيم الخامس عشر.
وفي ذلك الوقت وصلنا إلى منطقة محفوفة بالأذى يعتورها الأخدود الكبير تسلمنا إلى المخيم الخامس عشر ومنه إلى رأس كولومبية.
وقضيت ليلة ما كان أمرها وأصعبها إذ أخذتني فيها عوارض كثيرة منصبة جعلتني استدل منها على أنني مصاب باحتقان في الحنجرة على أن مواصلة السير والإسراع فيه خففا ما انتابني من ألم.
وبعد يومين أو ثلاثة من مسيرنا لم يحدث فيها شيء غير مألوف وطئت أقدامنا أديم الأرض ورغماً من آلام حنجرتي وليلتي المسهدة فتنني ذلك الخاطر وسحرتني نعمته.
أما في باقي سياحتنا فقد اضطررنا إلى إتباع أثر (بارتلت) بدلاً من اقتفاء الأثر الكبير الذاهبة معالمه وليس هنا موضع الشكوى فقد وصلنا إلى نقطة تبعد عن الأرض بنحو خمسين ميلاً أما أنا فقد كانت هذه المرحلة أوجع لي وأشد ألماً أذبت ليلة نبا فيها النوم عن جفني في خيمة شديدة القر وكانت أثوابي مبتلة ندية بالعرق وكنت أشعر بحرقة مستمرة وألم شديد في رأسي وفكي ولكننا ما كدنا ننتهي من المرحلة حتى بدأت أحس بتأثير جرعة الكينا ثم أخذ ذلك الألم يخف رويد حتى زالت أخيراً عوارضه الموجعة.
ولم نحسب في ذلك اليوم حساباً لكلابنا إذ رأيناها كأنما فقدت همتها واسترخت لا تستطيع مسيراً.
وبدأنا المسير الأخير قبل انتهائنا إلى أديم الأرض في الساعة الخامسة من المساء في ذلك الجو المتألق الهادئ والوقت الساكن الصافي والتقينا بأخدود لم يجتز من قبل وبعد جهد كثير ومحاولة غير مجدية لم نر وسيلة غير إسقاط بعض متاعنا في الماء لنتخفف منها وانقفل الأخدود من جهة الشرق فأتبعنا أثرنا حتى اجتزنا ذلك الشق الكبير.
قال روبرت بيري بعد وصف بسيط.
لقد أنجزت بغيتي في الحياة وهمي. وأديت للعالم همامتي وشغلي. تلك الهمامة التي كنت أجزم بتحقيقها وأعتقد في انجازها وها أنا قد وفيت بعهدي الذي أبرمت.
وصلت إلى القطب بجهدي وحيلتي بعد أن قضيت ثلاثة وعشرين عاماً في سعي ومشقة