للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وجاء به قولاً أن يكن فيه صواب فهو ما آثره من تقريب ما بين العامة والخاصة وإزالة الجفوة بين هؤلاء وهؤلاء، وتوثيق العقدة المنحلة بين الألسن والأقلام، أو بين لغة الكتابة ولغة الكلام، ثم ما رآه من التخطي بالعربية إلى الأمام، وإن يكن فيه خطأ فهو ما وراء ذلك مما أرسله في أقواله البليغة سناداً لرأيه وتثبيتاً لحجته.

وإن مَجَم هذا الرأي ومستجمعه أن الأستاذ يرى (أخذ أسماء المستحدثات من اللغة اليومية وإمرارها على الأوزان العربية بقدر الإمكان فإن لم يكن لها ثمة أسماء فمن معاجم اللغة وكتب العلم لأن هذه عنده دون اللغة اليومية - فإن لم يصب ذلك في هذه أيضاً وضع لها الواضع ما شاء. وإن في استعمال مفردات العامة وتراكيبها إحياء للغة الكلام وإلباسها لباس الفصاحة إذ يكون من ذلك رفع هذه اللغة إلى الاستعمال الكتابي والنزول بالضروري من اللغة المكتوبة إلى ميدان التخاطب والتعامل. ذلك وإن ما استعملته العامة إنما هو قرارات الأمة في هذه الكلمات التي لا تريد النزول عنها. وأن الطريقة الوحيدة لإحياء اللغة هي إحياء لغة الرأي العام من ناحية وإرضاء لغة القرآن من ناحية أخرى. وأننا إذا أردنا الصلح بين اللغتين فأقرب الطرق إلى هذا الصلح أن نتذرع إلى إحياء العربية باستعمال العامية ومتى استعملناها في الكتابة. . . اضطررنا إلى تخليصها من الضعف وجعلنا العامة يتابعون الكتاب في كتاباتهم الخ الخ.

هذا هو تحصيل رأي الأستاذ وأكثر ما أوردناه إنما هو من ألفاظه بحروفها فإن طال عليك ذلك السرد وبرمت به جملة فإن لك أن تدمجه في كلمتين ثم لا تكون قد أخللت من جميعه بشيء وذلك أن الأستاذ يرى تمصير اللغة لأننا إذا تابعناه فإنما نلتمس كل ما أشار إليه من العامية المصرية وحدها ونعطي هذه العامية سعة أنفسنا وبذل أقلامنا (طاقتها) فنلبسها بالفصيح ونخلط منهما عملاً صالحاً وآخر سيئاً ولعل هذا الرأي أن يشيع من ناحيتنا ويطمئن في كل أمة لها عربية فتأخذ مأخذنا في عاميتها وتنزع إلى ما نزعنا إليه فإذا أمكن أن يتفق ذلك وأن تتوافى عليه الأمم كان لعمري أسرع في فناء العربية وجدا عليها شؤم هذا الرأي مالا يجدو تألب الأعداء لو استأصلوا أهلها. وبلغ منها مالا يبلغه الفاتحون ولو ملكوا تلك الأرض كلها، ثم نحن نتسامح في استعمال المفردات والتراكيب العامية. وسينقاد لذلك من بعدنا ثم من بعدهم إلى أجيال كثيرة يتراخى بعضها عن بعض فيوشك أن يأتي