للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعين الرضا عن كل عين كليلة ... كما أن عين السخط تبدي المساويا

وما زلنا بهذه الحال من الشغف والاستهتار (الولوع بالشيء لا يتحدث بغيره) إلى أن ابتسمت لنا الأيام وأديل لنا اليسر من الإعسار. وقدم حضرة زعيم البهائيين الأكبر عبد البهاء عباس أفندي المترجم به إلى وادي النيل. وقطعت جهيرة قول كل خطيب.

فكدنا نخرج من جلودنا فرحاً واغتباطاً بقدوم الرئيس الأكبر إلى بلدنا، وشغفنا كله بلقياه حتى أتاح لنا القدر أن حظينا بزيارته في الشهر الماضي بمنزله في رمل الاسكندية.

وقبل أن نصف هذه الزورة المباركة وما جرى من الحديث بيننا وبين جنابه. نمهد لذلك بذكر ما كتبته جريدة الكرونكل الانكليزية عن حضرة عباس أفندي إذا زار انجلترا في هذا العام واحتفل به العلماء الانكليز وأدباؤهم الاحتفال اللائق بمقامه الكريم - قالت الكرونكل.

نحن في زمان اشتد فيه الضجيج، وعلت الضوضاء من كل مكان. فلا تكاد تسمع فيه دعوة للكمال، إذ أصبحت الشعوب المتحضرة رهينة الهزاهز والاضطراب، يقدح في ساقها الجهاد في سبيل الحياة، وتُصميها سهام الخلافات ونبال المنافسات، وتنقض ظهرها أثقال الاستعدادات الحربية، ويؤودها جهاز القتال. وترى الأمم المتجاورة يرمق بعضها بعضاً شذراً. وتنظر خشية وحذراً. وعالم الصناعة كشجار الديكة ذاهلة أربابه. تدمدم من حولهم الاضطرابات، وتؤاذنهم بوعيدها الثورات، وفي بهرة هذا العراك وذاك الصراع اللجب يسمع نداء المعلم الروحاني يدعو إلى السلام العام.

ذلكم عباس أفندي الملقب بعبد البهاء، قد لفت الأنظار بسياحته في انجلترا إلى تلكم الحركة السريعة الانتشار التي تزداد نفوذاً وتنمو قوة لما جمعت بين كثيرين من أتباع الطوائف المتباينة، ووصلت بينهم على مبدأ الإخاء العام تؤلف بينهم عروة وثقى لا انفصام لها.

فالبهائية - كما شرحها المستر (ارك همند) فأبدع في شرحها، في كتاب صغير من سلسلة كتب (الحكم المشرقية) _هي كمال حي، هي الكاثوليكية الصادقة يتبعها المسلمون والنصارى واليهود والبوذيون، وليست مذهباً متفرداً بل هي مستجمع المذاهب ومستجمَها، تردها إلى أصولها، وتحيلها إلى صادق مبادئها - كما لها أن الله واحد، إله كل شعب ورب كل دين، ودعواهم فيها سلام.

المعلمون الثلاث