ولد عباس أفندي في طهران من أعمال فارس في الثالث والعشرين من شهر مايو عام ١٨٤٤، في نفس اليوم الذي أسست فيه الدعوة البهائية، فأول دعاتها ميرزا علي محمد، إذ كان المبشر بهذه الدعوة المنادي بهذه العروة ولكن لم تخرج دعوته من بلاد فارس. وكانت دعوته في الحقيقة دعوة إصلاح ورقي للإسلام، إذ استخرج أسمى تعاليم القرآن فنقاها مما علق بها مما ليس من الدين الصحيح في شيء، وأخرج للناس مبادئ دينه ترمي إلى توحيد عقائد الناس في الله والخلوص بالروح لى عبادته، على أن أصحاب السلطة جعلوا يضطهدونه وكذلك نَفِس عليه علماء الذين لاعتدائه على دائرتهم. أما الحكام فلازدياد نفوذهم على رعيتهم، فما كان ذلك إلا ليؤازر حركته ويعين دعوته، وأدى اضطغانهم عليه وظلمهم له إلى أن قتلوه وصلبوه وذبحوا من رجاله خلقاً كثيراً. وكان قتلهم إياه سبباً في ازدياد الحركة قوة وانتشاراً وفي سنة ١٨٦٣ خلف الباب بهاء الله في القيام بالدعوة - شريف من الأشراف انجذب منذ حداثته إلى هذه الكمالات الدينية، إذ حملوا أعلامهم إلى جميع الممالك ونادوا بالمؤاخاة بين بني الإنسان، ولكن اشتد عليهم العسف فنفي بهاء الدين مع سبعين من أتباعه وسجنوا في محبسين عامين، وعلى الرغم من شدة التضييق عليهم وعسفهم فقد تدرعوا بالصبر واعتصموا بمكارم الأخلاق حتى رق لهم كل حاكم جديد تولى سجنهم. ولبث حضرة بهاء الدين في السجن أربعين عاماً قضاها في الكتابة والتعليم دون انقطاع ولا يأس ولا فتور. وفي سنة ١٨٩٢ صعد إلى جوار ربه فخلفه أبنه الأكبر عباس أفندي معلم هذا الزمان. قالت سيدة انجليزية أقامت في منزله المبارك ثمانية أشهر: أن إعجابها بحضرة عباس أفندي وإكبارها لشأنه ومقامه كان يزداد يوماً فيوماً: أما صحة تلقيبه بعبد البهاء فقد أثبتته خدماته لبني الإنسان. أما حياته فكانت دليلاً واضحاً وبرهاناً جلياً على هذه الحقيقة وهي أنه على الرغم مما يحف بنا من الجهاد في سبيل الحياة والمجد والثروة والسلطة الدنيوية فالحياة الروحية مع ذلك ممكنة بل أمر واقعي مشهود. فلينظر الذين يصلون لملكوت الله في الأرض ليروا في عباس أفندي رجلاً ساكناً في هذا الملكوت شاعراً به يفيض من حوله سلام يعلو على مدارك إفهامنا.
أغراض البهائيين
ذلكم عباس أفندي وتلكم مكانته. أما تعاليم البهائية فهي ظاهرة وصوفية باطنية في آن واحد