للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ياليت شعري هل يعود سفيههم ... أم قد حماه النبح ذاك الأكعم

لي منك، فليذب الحسود تلظياً، ... لطف المكانة والمحل الأكرم

وشفوف حظ ليس يفتأ يجتلي ... غض الشباب وكل غض يهرم

لم تلف صاغيتي لديك مضاعة ... كلا ولا حق اصطناعي الأقدم

بل أوسعت حفظاً وصدق رعاية ... ذمم موثقة العرى لا تفصم

فليخرقن الأرض شكر منجد ... منى تناقله المحافل متهم

عطر هو المسك السطيع يطيب في ... شم العقول أريجه المتنسم

فإذا غصون المكرمات تهدلت ... كان الهديل ثناءها المترنم

الفخر ثغر عن حياضك باسم ... والمجد برد من وفائك معلم

فاسلم مدى الدنيا فأنت جمالها ... وتسوغ النعمى فإنك منعم

واستقر المعتمد به في وزارته فكان أحد وزرائه الثلاثة الأكابر المثناة وزارتهم (أي أحد الثلاثة الذين يلقب كل واحد منهم بذي الوزارتين) والآخران هما ذو الوزارتين ابن عمار وذو الوزارتين ابن خلدون (جد صاحب التاريخ المشهور).

خرج الثلاثة في أحد الأيام من اشبيلية إلى منظرة (قصر خلوى) لبني عباد بموضع يقال له الفُنت (تعريباً للفظ اسباني وهو متنزه تحف به مروج مشرقة الأنوار، متنسمة الأنجاد والأغوار، متبسمة عن ثغور النوار. في زمان ربيع سقت الأرض السحب فيه بوسميها ووليها. وجعلتها في زاهر ملبسها وباهر حليها. وارداف الربى قد تأزرت بالأزر الخضر من نباتها، وأجياد الجداول قد نظم النوار قلائده حول لباتها، ومجامر الزهر تعطر أردية النسائم عند هباتها. وهناك من البهار، ما يزري على مداهن النضار، ومن النرجس الريان، ما يهزأ بنواعس الأجفان. وقد نووا الانفراد للهو والطرب، والتنزه في روضي النبات والأدب. وبعثوا صاحباً لهم يسمى خليفة هو قوام لذتهم، ونظام مسرتهم، ليأتيهم بنبيذ يذهبون الهم بذهبه في لجين زجاجهن ويرمونه بما يقضي بتحريكه للهرب عن القلوب وإزعاجه. فجلسوا الانتظار، وترقب عوده على آثاره. فلما بصروا به مقبلاً من أول الفج بادروا إلى لقائه، وسارعوا إلى نحوه وتلقائه. واتفق أن فارساً من الجند ركب فرسه فصدمه، ووطئ عليه فهشم أعظمه وأجرى دمه، وكسر قمصالالنبيذ الذي كان معه، وفرق