للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ذرات الأجسام، وفي جميع أنحاء العالم حتى فيما وراء القبة السماوية المكونة من غازات علمت للعام والخاص، وأنه هو البيئة التي فيها تسبح الكواكب وبدونه ما كانت تستطيع حركة.

وقد تغلغل بعضهم إلى القول بأنه هو أصل كهرباء الجو وافلوفيا المغنطيس بعدما أثبت ذلك ببراهين شتى.

وعندما انتهى هذا الاكتشاف إلى مسامع علماء علم النفس جعلوه أساساً لحركة الأعصاب التموجية، ونسبوا غليه نقل الرسائل من الجسم والحواس إلى المخ، وكانت نتائج أبحاثهم على هذا الفرض كلها معقولة.

وفي حداثة هذا الاكتشاف كان كل فريق من العلماء يعتقد أن هناك أنواعاً كثيرة للأثير، وأن الأثير الذي يحرك الضوء غير الأثير الذي ينقل الرسائل إلى المخ، إلى حد أنهم كانوا يتكلمون عن أثير الضوء وأثير الكهرباء وأثير الجسم كأنها أسماء تدل على أشياء مختلفة.

ومن ذلك أن الفيلسوف (اسحق نيوتن) قال أن هناك نوعاً من الأثير يتغير الضغط عليه فيسبب جاذبية الأرض، وأن هذه الجاذبية لا تترتب على غير ذلك. ولا أصل لها ألا هذا التغير في الضغط على الأثير ولكنه ترك هذه الفكرة حبراً على ورق ولم يذكرها في مؤلف له، وإنما نقلت هذه الفكرة عن الذين أطلعوا على بعض كتابته الخصيصة، أو عمن حادثوه من العلماء المعاصرين له.

وكان أتباع نيوتن لا يذكرون الأثير في تفسير جميع الظاهرات لطبيعية مثل تجاذب الأجسام وتنافرها، لشكهم في حقيقة ما فرضه أستاذهم من وجود جوهر يملأ العالم يسمى بالأثير.

أما العلماء الحديثون فيعتقدون أن الأثير هو جوهر متجانس في جميع أنحاء الكون، وأن أعماله هي التي تتغير على حسب الوسط الذي يعمل فيه أو على حسب مقدار تكثفه، وقد أثبت وجوده إثباتاً محسوساً في كيفية نقل الضوء. والذي اكتشف هذه الحقيقة هو العالم (هيوجينس). وقد أثبت غيره وجود الأثير من ظاهرات التشعع والضياء بأن أشعة الضوء لا تسير في مستقيمات بل هي مجموعة أقواس صغيرة جداً.

وأهم ما وصلوا إليه من هذا القبيل هو إثباتهم أن الضوء ليس بمادة بل عمل ناشئ عما في