للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

المادة من طاقة، وأن الهواء ليس بناقل الضوء من محل إلى آخر، وذلك بأنهم أحضروا ينبوع ضوء تخرج منه حزمة من الأشعة تمر داخل عدسات مرتبة بشكل معروف في علم الضوء، فتنقسم إلى حزمتين تضيء إحداهما أي لوحة إذا وقعت عليها مفردة، وتفعل الأخرى كذلك وحدها، وأما إذا وقعتا كلتاهما معاً على اللوحة وجد بينهما على اللوحة نقط غير مضاءة. ولا شك في أن عدم الضياء ناشئ من اتحاد ضياء الأولى بالثانية.

فاستنتجوا من هذه التجربة أن الحزمة الأصلية كأية حزمة ضوئية أخرى تتكون من حزمتين متضادتين في التأثير، فإذا سمينا إحداهما موجبة كانت الثانية سالبة.

ما دام لا يوجد في العالم بأسره مادتان إذا اتحدتا أعدمت إحداهما الأخرى فإنه لا يكون الضوء المكون من شيئين متضادين مادة أبداً لأن السلب والإيجاب من عوارض المادة.

وعلى أثر هذه التجربة ونتائجها قال (فريزنيل) أن الضوء هو نتيجة تنازع مادتين إحداهما الأثير. ووافقه على روح فكرته العالم المشهور (نيومان) ولكنه اختلف عنه في اتجاه التنازع. وقد عملت بعد ذلك تجارب كثيرة لإثبات هذه الحقيقة فأسفرت عن نجاح تام.

أما عدم قدرة الهواء على نقل الضوء فهذه فكرة واقعية أثبتوها بقولهم أن الهواء لا يستطيع أبداً نقل شيئين عملهما متناقض كما هي الحال في الضوء إنما يقدر فقط على نقل تذبذبات متجانسة كما هي الحال في الصوت.

ومن جهة أخرى ترى سرعة الضوء تساوي ملايين عدة من سرعة التموجات العادية التي يقوم بنقلها الهواء مهما كبرت سرعته في نقلها ولذلك لا يكون الهواء أبداً ناقلاً للضوء، وإنما يقوم بذلك غيره وهو ما أطلقنا عليه لفظة الأثير.

وقد شوهد أن سرعة الضوء تزيد إذا مر داخل أجسام غير الهواء وسببه أن هذه الأجسام تتحرك ذراتها حركة مستقلة بأكثر من سرعة حركة الهواء، فلذلك تعجل من سير الضوء وقد تنقص سرعته إذا كانت سرعة حركتها أقل من الهواء، وللأثير طاقة تقاس (في حال قيامه بنقل الضوء) بمقدار الحرارة التي تمتصها الأجسام من أشعة الضوء. لأن هذه الحرارة ناشئة من مقدار عمله. وله مرونة وكثافة محدودة أثبتت بتجارب شتى، وتوجد في كثير من الكتب العلمية الراقية التي تبحث في هذا الموضوع.

ومما روي عن (فاراداي) العالم المعروف إزاء هذا الاكتشاف أنه قال أن كل ما يشاهد من