للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعض الطرق الأوروبية واقتبسوا منها ما أدخلوه على الكتابة العربية فلم يوفقوا إلى إنجاح مشروعهم. فمنهم من استعمل في طريقته أشكالاً مبهمة ورموزاً غامضة، ومنهم من أدخل الشكل في الكتابة فزادها بذلك صعوبة وغموضاً ومنهم من استعمل أشكالاً مشتركة لحرفين أو ثلاثة أو أربعة حتى كانت تصعب القراءة على المختزل بعد كتابتها، وقد استنبط أحدهم طريقة أخرى ورأى كتابتها من اليسار إلى اليمين فمسخ بذلك روح الكتابة العربية المأخوذة عن الكتابة الأرامية وهي كما لا يخفى تكتب دائماً من اليمين إلى اليسار، ولم تتغير عن هذه الصورة منذ إنشائها إلى الأن.

وقد قام سعادة المفضال أحمد باشا زكي سكرتير مجلس النظار وحث على الاهتمام بهذا الفن ورضخ من ماله (تبرع) بمبلغ خمسين جنيهاً وأعلن توزيعها على الفائزين في امتحان قام به نظارة المعارف في ١٨ ديسمبر سنة ١٩١٢ وقد بلغ عدد المتبارين عشرة فأستقرت النتيجة عن فشلهم جميعاً ولم ينل الجائزة المفروضة أحد إذ كان القدر المحدود تسعين كلمة في الدقيقة وهذا ما يدل على صعوبة الطرق التي كانوا يدرسونها.

وقد اهتدى المسيو راوول بينكردي المختز لسكرتارية نظارة المالية إلى وضع طريقة إختزالية باللغة العربية بعد أن قضى زمناً طويلاً في بحث وتنقيب وذلل ما صادفه من الصعوبات الجمة في هذه السبيل ثم نشر كتابه في شهر يوليو الماضي إجابة لإلحاح الكثيرين ممن يفضلون طريقته على غيرها فطبع الجزء الأول منه مصدراً بمقدمة تاريخية مسهبة في تاريخ الكتابة عموماً والكتابة المختزلة خصوصاً ثم أخذ من ذلك الحين يدرس طريقته هذه مجاناً في مدارس برلتز ويلقيها على نفر ممن يرغبون في تعلمها ويسرنا أن نقول أن المجتهدين منهم يكتبون اليوم بسرعة كادت تسبق سرعة من سبقهم من الطلبة في هذا الفن منذ الأربع السنوات الأخيرة وذلك على الرغم من حداثة عهدهم وهي بلا شك نتيجة مرضية تنبشر بنجاح باهر. وقد تمتاز هذه الطريقة أيضاً بأنها لا تقتصر على وضع رموز وخطوط وأقواس ودوائر كما هي الحال في أغلب الطرق المختزلة بل أنها مبنية على قواعد معقولة مطابقة لروح اللغة العربية، وموافقة لأسلوب الكتابة بها كجمع الحرفين أو الثلاثة معاً وجعلها صوتية إذ أن الكلمات العربية تكتب غالباً كما تنطق وهذه ميزة قد لا تجدها في أية طريقة أخرى، ولقد تصفحنا كتابه هذا فوجدناه محكم الوضع سهل المأخذ،