المسلمين منها وملكها من أيديهم فملك مدينة لك وبرتقال وبورتور (إحدى مدائن البرتقال) وسمورة وقتشالة (كستيلية) وشقوبية وصارت للجلالقة حتى افتتحها المنصور بن أبي عامر آخر الدولة.
ولما استقر قدم الأمير عبد الرحمن بالأندلس أخذ في بناء المسجد الجامع والقصر بقرطبة وأنفق نحواً من ثمانين ألف دينار وبنى مساجد أخرى كثيرة.
قال ابن حيان: ولما ألفى الداخل الأندلس ثغراً قاصياً غفلاً من حلية الملك عاطلاً أرهف أهله بالطاعة السلطانية حنكهم بالسيرة الملوكية وآخذهم بالآداب. فأكسبهم عما قليل المروءة وأقامهم على الطريقة وبدا فدون الدواوين وعقد الألوية وجند الأجناد حتى اعترف له بذلك أكابر الملوك وحذروا جانبه وتحاموا حوزته ولم يلبث أن دانت له الأندلس واستقل له الأمر فيها.
وخاطب عبد الرحمن قارله (شارل مارتيل) ملك الأفرنج وكان من طغاة الأفرنج بعد أن تمرس به مدة فأصابه صلب المكسر تام الرجولية فمال معه إلى المداراة ودعاه إلى المصاهرة والسلم فأجابه للسلم ولم تتم المصاهرة قال ابن حيان: وكان الداخل يقعد للعامة ويسمع منهم وينظر بنفسه فيما بينهم ويصل إليه من أراده من الناس: قالوا: وكان عبد الرحمن أصهب خفيف العارضين بوجهه خال طويل القامة نحيف الجسم له ضفيرتان أعور أخشم والأخشم الذي يشم ولما ذكر الحجاري أنه أعور قال ما أنشد فيه إلا قول امريء القيس:
لكن عوير وفي بذمته ... لا عور شأنه ولا قصر
قال ابن خلدون: وفي سنة ست وأربعين سار العلاء بن مغيث اليحصبي من أفريقية إلى الأندلس ونزل بباجة الأندلس داعياً لأبي جعفر المنصور واجتمع إليه خلق فسار عبد الرحمن إليه ولقيه بنواحي أشبيلية فقاتله أياماً ثم انهزم العلاء وقتل في سبعة آلاف من أصحابه وبعث عبد الرحمن برؤوس كثير منهم إلى القيروان ومكة فألقيت في أسواقها سراً ومعها اللواء الأسود وكتاب المنصور للعلاء فارتاع المنصور لذلك وقال ما هذا إلا شيطان والحمد لله الذي جعل بيننا وبينه البحر أو ما هذا معناه.
وغزا عبد الرحمن بلاد الأفرنج والبشكنس ومن وراءهم ورجع بالظفر وكان في نيته أن