للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المفكرين والصناع اليدويين، ولا أتمسك برغد العيش الذي يضمنه الفرد الواحد إذا لأعين على أن ينعم بقواه العقلية وقواه الجثمانية معاً، ولا على المنافع التي تأتي من تقدير العمل قدرته ورفعه إلى المكان اللائق به في المجتمع بدلاً من أن نطبعه بطابع الاستهانة والتحقير كما نفعل اليوم ولا أريد أن أتناول البحث في زوال الشقاء الحاضر وما يتبعه من شرور وجرائم وسجون وغير ذلك، وجملة القول لا أريد أن أبحث اليوم في هذه المسائل الاجتماعية الكبيرة وإنما أريد أن أبين الفوائد التي تعود على العلم من هذا الإصلاح.

قد يقول فريق من الناس أن في النزول بالعلماء إلى مصاف الصناع انقراضاً للعلم وفناء للعبقرية، ولكنهم إذا تدبروا الاعتبارات الآتية وجدوا أن الأمر على عكس ما يقولون - أي أن في ذلك أحياء للعلوم وانتعاشاً للفنون وتقدماً للصناعة أشبه بنهضة العلوم التي قامت في القرن الخامس عشر ولقد شاع على الأفواه أن القرن التاسع عشر كان زمان تقدم العلوم ونهوضها وأن للقرن الحاضر ما يفخر به، ولكن إذا تدبرنا أن أغلب المسائل التي حلها هذا القرن وضعها وتنبأ بحلها القرن الماضي، ولذلك يلزمنا أن نعترف بأن التقدم لم يكن سريعاً كما كان متوقعاً وأن شيئاً هناك عاقه عن سبيله.

إن نظرية الحرارة ارتآها في القرن الماضي رامفورد وهامفري دافي ثم مضي أكثر من خمسين حولاً قبل أن تعود هذه النظرية إلى عالم العلم ثانية ألم يكن لامارك وجفروي وسانت هيلير وارسماس ودارون وكثيرون غيرهم اعلم بتطور النوع؟ ألم يمهدوا السبيل إلى تأسيس (البيولوجيا) - علم الحياة_على قاعدة التغير والتحول، ولكن مضي نصف قرن قبل أن يتناول أحد مذهبهم. وكلنا يذكر كيف كان طلبة الجامعة يكرهون على آراء دارون إكراهاً، ولقد مضت أعوام وعلم الفلك يتطلب إعادة النظر في نظريات كَنت ولابلاس ولكن لم تظهر حتى اليوم في هذا العلم نظرية أتفق عليها الجميع.

وجملة القول أن كل فرع من فروع العلم ينقصه بحث الآراء الماضية وإعادة النظر فيها وإذا كانت إعادة النظر يعوزها تلك العبقرية التي حركت جاليليه ونيوتون فإنها في حاجة أيضاً إلى جمهور من الصناع العلماء.

وهناك دليل من العلم الحديث يشهد بصلاح الطريقة التي نطلبها للتعليم وهو أنه بينمت الصناعة لا سيما في أواخر القرن الماضي وأوائل القرن الحاضر قد أكثرت من