للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المعمل أو المصنع ولكن إما أن يريد الآباء أن يعطلوا هذا الميل وأما أن يكونوا بوجه الانتفاع به جاهلين. فإن سواد الآباء يستهينون بالعمل اليدوي ويحقرونه ويؤثرون أن يرسلوا بنيهم إلى دراسة تاريخ الرومان أو تعاليم فرانكلين في التوفير (!) على أن يروهم يشتغلون في عمل (لا يفيد الطبقات الدنيا) كما يقولون.

ثم تأتي سنو الدراسة فيضع مسرعاً سدى - خذ لك مثلاً من تعليم الرياضيات التي يجب على كل إنسان أن يتعلمها لأنها الأساس الذي ينهض فوقه كل تعليم. فترى أن سواد طلبتنا لا يتعلمونها في مدارسنا العليم الحقيقي النافع، وكذلك ترى الوقت يذهب هباءً في تعليم الهندسة على طريقة الاعتماد على الحافظة فلا يكاد التلميذ يخرج من المدرسة حتى ينسى كل شيء ويعجز عن حل أبسط المسائل الرياضية وكذلك الحال في سائر فروع التعليم.

من العين واليد إلى العقل ذلكم هو المبدأ الحق لاقتصاد الزمن في التعليم، وإن في إكراهنا ابناءنا على دراسة العلوم من غير اقترانها بالعمل والتطبيق إكراهاً لهم لهم على تضييع زمانهم، وقتلاً لاستقلال أفكارهم، وخيبة لتعاليمنا. وأن المعرفة السطحية وإعادة الدروس كالببغاء وجمود الفكر - كل ذلك من نتائج طريقتنا الحاضرة في التعليم.

ولسائل أن يسأل إذا كانت هذه الطريقة التي ندعو إليها تأتي بالسرعة المطلوبة للعمل أم لا، ونحن فنقول أنه مهما يكن من بساطة العمل فإن العامل المتعلم قادر على إجادته والإسراع في إنجازه أكثر من العامل الجاهل - تلكم هي السرعة التي تنشدها الإنسانية ويطلبها صالح الجماعة.

حقاً أنني لا أقول أن صلاح التعليم على هذا الطراز التام سهل التحقيق ما دامت الأمم المتحضرة باقية تنوء تحت هذا الظلام الأناني المتبع في الاستثمار والاستغلال. وكل ما تتوقع من ذلك أن نبذل الجهد لتأدية بعض الإصلاح. لنتصور أن جماعة أو مدينة أو أقليماً - يبلغ سكانه على الأقل بضعة ملايين قد سن هذه الطريقة في تعليم أحداثه دون تمييز بين ذكور وإناث. ومن غير أن يسألهم شيئاً في مقابل تعليمهم إلا ما يؤدونه يوم يصبحون من العاملين على ثروتها_لنتصور ذلك ثم دعنا نحلل نتائجها!

أنا لا أصرّ على زيادة الثروة التي تنتج من أحراز جيش صغير من المستثمرين المتعلمين، ولا على الفوائد الاجتماعية التي تحدث من استئصال هذا التمييز الحاصل بين الصناع