وحينئذٍ فإن لم تقهر المرأة في هذه المزاحمة وتغلب -طبعاً لو صار في صراع حقيقي بين الرجل والمرأة ما كانت المرأة أن تغلب الرجل- ولهذا يقول: وحينئذٍ فإن لم تقهر المرأة في هذه المزاحمة وتغلب فإن عدم غلبتها وقهرها ما هو إلا تنازل من الرجل مقابل استغلاله لأنوثتها وابتذاله لها، وقد كانت المرأة في الشرق هي خير عون للرجل أعمالها كانت بحشمة؛ في الزراعة، كانت تعمل في بيتها تخدم وتقدم أعمالاً بيتية لكن كانت المرأة خير عون للرجل في عمله، ولها عملها وله عمله في سائر البيت وسائر الحياة في انضباط وحشمة وعفة فهي الزوجة والأخت والأم، وهذا هو الأمر السائد غير أننا لا ننكر أن هناك نساء مظلومات كما قلنا قبل قليل، ووجد -ولا شك- نوع اضطهاد، وهو يقول: هذا الاضطهاد الذي يتحدثون عنه ويدندنون حوله لا يخلو من إحدى صورتين:
اضطهاد على الطريقة الشرقية، أي: أنها محصورة في العمل في بيتها فهي زميلته في الحياة ومساعدته في بيته، الاضطهاد الذي يرونه اضطهاداً هو بقاؤها في بيتها، وسماه الشيخ هنا اضطهاد على الطريقة الشرقية.
قال: أو اضطهاد على الطريقة الغربية، فهي زميلته في الحياة ومزاحمته في أعمال الحياة وظروف المعيشة.
والنتيجة، يقول: إن في كلا الصورتين ليس لها موقف حر ممتاز خالٍ من الاضطهاد، لكنها في الطريقة الغربية تتميز بكونها أداة للهو واللعب والاستمتاع من قبل الرجال.
فالذين يدعون ويعملون لحرية المرأة في الشرق يريدون تحقيق جانب اللهو واللعب والاستمتاع، وهي الصورة التي يزعمون أنها بها أخذت حريتها، وسلمت من الاضطهاد، كما أن دعاة السفور يزعمون أنهم يعطون المرأة مكانة حين يكون الرجال الأجانب مزاحمين لزوجها عليها، وفي نظر العاقل المنصف فإن ضعف المرأة في القوة الجسمانية الذي لا يختلف عليه أحد من موافق ومعارض، إضافة إلى طمع الرجل بها مع عدم استغنائها عنه، كل ذلك يمنع استقلالها في الحياة، ويحتم عليها ألا تعيش فرداً منعزلاً، فكيف يكون ذلك مع حفظها وتكون مبتذلة للرجال.
هذه حقيقة يجب أن نقررها، وهي موجودة، وبمعنى أنه فعلاً هي مضطهدة يعني على الطريقة الشرقية وهي التي ننكرها أيضاً ولا نرضاها، أو الطريقة الغربية وهي فعلاً شئنا أم أبينا هي أداة استمتاع، ولهذا تضع أصباغها وزينتها في المدرسة وفي المعمل وفي الإدارة وفي كل مكان بروائحها العطرية الفواحة.