[يا نظار الوقف! الزموا الأمانة واحذروا الخيانة]
أما نُظَّار الأوقاف والمتولُّون عليها فقد سلَّطهم الله على هذه الأوقاف ومكَّنهم منها، فليتقوا الله في ما عَهُد إليهم وما ائتمنوا عليه من أموال المسلمين، وليحذروا غضب الله وسخطه {يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ} [الشعراء:٨٨]، {يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ} [غافر:٥٢].
يا نظراء الأوقاف! إن في أعناقكم صِغاراً وقُصَّاراً، وعجزة وأرامل، لا يحسنون التصرف في الأموال، ولا يقدرون على الإحسان بالأعمال، بل لعلهم لا يعرفون ما الذي لهم، إن في أماناتكم فقراء في أشد الحاجة إلى سد العَوَز.
أيها الإخوة: إن الخونة من النُّظَّار ومتولي الأوقاف أشد جُرماً من اللصوص وقطَّاع الطريق.
إن اللص يحتال ويسلب من غيره؛ ولكنَّ هذا الخائن يسلب مما هو مؤتَمَن عليه، اللص ضرره على الأحياء، أما هذا الخائن فضرره على الأحياء والأموات، اللص لا يسطو في الغالب إلا على مَن هم مظنة الغنى والثراء، أما هذا المجرم الأثيم فيسطو على حقوق الأرامل واليتامى والمساكين، يقطع ما أمر الله به أن يوصل.
ما أعظم ذنب الخونة هؤلاء! وما أشد وزرهم! جعلوا غلات الأوقاف نهباً لهم ولمن حام حولهم؛ فنُهِبَت الأراضي، وخُرِّبت الدور، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم!
وعلى قضاة المسلمين -وفقهم الله وأعانهم- أن يولوا الأوقاف مزيد العناية في أهلها ومستحقيها وأصولها ونُظَّارها ومتوليها.
والمسلمون كلهم في الحق متضامنون ومتعاونون، وعلى دفع الظلم والإثم متآزرون، والجميع غداً بين يدي الله موقوفون، وبأعمالهم مجزيون، وعلى تفريطهم نادمون: {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} [الشعراء:٢٢٧].
هذا وصلوا وسلموا على المبعوث رحمةً للعالمين، النبي الصادق الأمين، فقد أمركم بذلك ربكم، فقال عز قائلٍ عليماً: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب:٥٦].
اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد صاحب الوجه الأنور، والجبين الأزهر، والخلق الأكمل، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وعلى أزواجه أمهات المؤمنين.
وارضَ اللهم عن الخلفاء الأربعة الراشدين، الذين قضوا بالحق وبه كانوا يعدلون: أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وعن سائر الصحابة أجمعين، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بعفوك وجودك وإحسانك يا أكرم الأكرمين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، واحمِ حوزة الدين، وانصر عبادك المؤمنين.
اللهم انصر دينك، وكتابك، وسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم، وعبادك المؤمنين.
اللهم آمِنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل اللهم ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين!
اللهم وفق إمامنا بتوفيقك، وأيده بتأييدك، وأصلح له بطانته، وأعز به دينك، وأعلِ به كلمتك، واجمع به كلمة المسلمين على الحق يا رب العالمين!
اللهم وفق ولاة أمور المسلمين للعمل بكتابك وبسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم، واجعلهم رحمة لرعاياهم، واجمعهم على الحق يا رب العالمين!
اللهم وأبرم لأمة الإسلام أمر رشد، يُعَزُّ فيه أهل طاعتك، ويُذَلُّ فيه أهل معصيتك، ويُؤْمَر فيه بالمعروف، ويُنْهَى فيه عن المنكر، إنك على كل شيء قدير.
اللهم وأصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها معادنا، واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير، والموت راحة لنا من كل شر، وأحسن عاقبتنا في الأمور كلها، وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة.
اللهم انصر المجاهدين الذين يُجاهدون في سبيلك، ولإعلاء كلمتك، وإعزاز دينك.
اللهم انصرهم في فلسطين، وكشمير، وكوسوفا وفي كل مكان يا رب العالمين.
اللهم انصرهم وأيدهم وأعنهم ولا تعن عليهم، واجعل لهم من لدنك ولياً ونصيراً ومعيناً وظهيراً.
اللهم واخذل أعداءهم، واجعل الدائرة عليهم، واجعل كيدهم في نحورهم يا قوي يا عزيز.
رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ، رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.
عباد الله: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ.
فاذكروا الله يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.