إن واجب كل مسلم أن يسهم في تهيئة الجو الآمن المطمئن؛ ليؤدي حجاج هذا البيت مناسكهم، ويقفوا بين يدي مولاهم، قائمين وعاكفين، وركعاً وسجوداً بخشوعٍ وأمان، منقطعين عن الشواغل، متبتلين إلى الله بصدق التوجه.
بل لقد نهى الله -سبحانه وتعالى- عن مجرد الجدال تعظيماً لحرمة الزمان والمكان، وانصرافاً للتزود بالتقوى حيث يكمل جلال الموقف، وجو السكينة الذي يجب أن يتهيأ لوفد الله، ولضيوف الرحمن، فمن خالف ذلك وأراد بهذا البيت سوءاً فقد توعده الله بقوله:{وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ}[الحج:٢٥].
وإن ما أقدم عليه بعض الحجاج من إثارة الشغب، وإحداث القلاقل والفتن، وترويع الآمنين في جوار هذا البيت وما تسبب عن ذلك من قتل نفوسٍ بريئة لا يرتضيه مؤمنٌ يقدر لهذا البيت حرمته، ويعرف له قدسيته؛ مهما كانت المقاصد والغايات فكيف إذا كانت أهدافاً مشبوهة، وغاياتٍ مدخولة؟!
فحقٌ على كل مؤمنٍ قصد هذه البقاع الطاهرة، يرجو الرحمة، ويؤمل في مغفرة الله له ويتطلع إلى حجٍ مبرور؛ حقٌ عليه أن يتجنب كل ما يشوش على الآمنين أمنهم، وعلى المتعبدين عباداتهم؛ من صخبٍ ومجادلات ورفع أصواتٍ بما لا يليق، فلا تحلّوا شعائر الله ولا الشهر الحرام إن كنتم مؤمنين.