الحمد لله ذي الطول والمن والإحسان، أكمل لنا ديننا، وفضله على سائر الأديان، أحمده سبحانه وأشكره، وأتوب إليه وأستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله أنزل عليه القرآن معجزةً محفوظةً، وحجةً باقيةً على تعاقب الأزمان، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين، ومن تبعهم بإحسان.
أما بعد:
فأوصيكم -أيها الناس- ونفسي بتقوى الله، فاتقوه واعملوا وأخلصوا، وجدوا واجتهدوا، واعلموا أنكم ملاقوه، وتوبوا إلى الله ربكم، وأنيبوا إليه واستغفروه.
أيها المسلمون: لئن كان من المناسب أن يتحدث المتحدث عن الصيام في هذه الأيام، فإن قرين الصيام هو القرآن، في شهر الصيام تنزل القرآن، والقرآن لم يسم شهراً بعينه، سوى شهر رمضان:{شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ}[البقرة:١٨٥]{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ}[الدخان:٣]{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ}[القدر:١].
ولئن تحدث المتحدثون عن غزوة بدر الكبرى في أحداثها وعبرها، فإنهم إنما يتحدثون عما أنزل الله على عبده يوم الفرقان:{إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ}[الأنفال:٤١] والقرآن كله فرقان: {هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ}[البقرة:١٨٥].
أيها الإخوة: تجتمع هذه المناسبات والملائمات وتتعاضد، ولكن القرآن العظيم قبل ذلك وبعده حديث كل مناسبة.