أيها المسلمون: إن من دلائل الرشد والفقه استيعاب الأزمة وتوظيف دروسها لإحياء الأمة، وبنائها بنفسية عزيزة وثابة من غير ضعف أو خور.
إن من الحق والحكمة الاعتراف بأن الهزائم قد تكون لازماً من لوازم بناء الأمم، من أجل القضاء على سور الاسترخاء، ومظاهر الترف والفسق، ومن أجل الدربة على تحمل الظروف القاسية، وزوال الطبقات الهشة، من أجل الوصول إلى القواعد الصلبة.
وقد تكون الهزائم أكثر ملازمة عندما تسود في الأمة الأمراض الاجتماعية، ويحكمها الظلم، وتشتد المظالم، وتهمل الحقوق، ويفسق المترفون، ويكثر الخبث، فتكون الهزيمة عقوبة.
وتسلط الأعداء بلاء لتستيقظ الأمة وتتوجه نحو العلاج فيكون التمحيص، وتكون التنشئة على الفكر والمسيرة مبصرة، وحينئذٍ يستقيم المسار بإذن الله.
أيها المسلمون: الأمة لا شك بحاجة إلى إعادة ترتيب أمورها، ودراسة أوضاعها بعمق، دراسةً تتفهم المتغيرات، وإنها لمتغيرات كبيرة، طغت على ساحاتها السياسية والاقتصادية والفكرية وغيرها، مدركةً إمكاناتها، مكتشفةً مكامن قوتها وتأثيرها.