أيها المسلمون! عندما تنعدم الخيارات أمام المظلوم، وتضيق البدائل بشعبٍ مقهور، فإن كل سلوكٍ متوقَّع، وكل سياسات يمكن فهمها، وإن صعب تبريرها.
غزارةُ دمٍ يسيل، وحرارةُ دمٍ يغلي، ليسوا طرفين متكافئين، جيشُ احتلال مسلح ضد شعبٍ أعزل، القتلى والضحايا في طرف، والقاتل والجلاد الذي يطلق النار في طرفٍ آخر، قاتلٌ ومقتولٌ وجلادٌ وضحية.
إن مشاهدة هذه المناظر ومتابعة الأحداث تقطع الأمل للرغبة الجادة في السلام، إن من بدهيات الأمور وأبجديات التفكير: أن السلام الذي يُبْنَى على أساليب القهر والإذلال والتعسف والإملاء والابتزاز غير السلام الذي يُبْنَى على الحق والعدل والمساواة والتكافؤ والنِّدِّيَّة.
إن القوة والقهر والظلم لا يمكن لها أن تنشئ حقاً، أو تقيم سلاماً.
إن العدوان لا يولِّد إلا العدوان.
وإن مشاعر الشعوب هي معيار الضغط النفسي، وهي مقياس بواعث الانفجار.
أيها المسلمون! إن ما يجري في بيت المقدس وفلسطين المحتلة امتحان شديد لأمة الإسلام.
أمة الإسلام أمة معطاءة تجود ولا تبخل في تاريخها المشرق الطويل، قدَّمت ما يشبه المعجزات، وهي اليوم تعيش مفترق طرقٍ خطير يحيط بها، وبقدسها، وبأجزاء محتلة من ديارها، إنها لن تعجز عن إيجاد آلية عاقلة منصفة، قوية متزنة، تعيد الحق إلى نصابه، وترد المغتصب إلى صوابه.
أمةُ محمد صلى الله عليه وسلم، أمةُ الإسلام، وأمةُ الجهاد، وأمةُ العزة لا تعجز بإذن الله أن تجد لنفسها بتوفيق الله وعونه مخرجاً من أزمتها وعطلها الحضاري، والقدس والأرض المباركة أغلى وأثمن وأكبر من أن تُتْرَك لمتاجرات أو مساومات.