للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[فضل التعلق بالله والاعتصام به]

الحمد لله؛ كفى وشفى.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله النبي المصطفى، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أهل البر والوفا، والتابعين ومن تبعهم بإحسان وسار على هديهم واقتفى.

أما بعد:

فيا أيها الناس: {مَن تعلق شيئاً وُكِل إليه}.

مَن تعلق بربه ومولاه ربِّ كل شيء ومليكِه، كفاه ووقاه، وحفظه وتولاه؛ فهو نعم المولى ونعم النصير.

ومَن تعلق بالكهنة والسحرة والشياطين والمشعوذين وغيرهم من أفَّاكي المخلوقين، وَكَلَه الله إلى مَن تعلق به؛ والتعلق يكون بالقلب وبالفعل، ويكون بهما جميعاً.

فالمتعلقون بربهم، المنزلون به حوائجهم، المفوِّضون إليه أمورهم، يكفيهم ويحميهم؛ يقرِّب لهم البعيد، وييسر لهم العسير.

ومَن تعلق بغير ربه وسَكَن إلى رأيه وعقله، واعتمد على دوائه وتمائمه، وَكَلَه ربه إلى ما تعلق به وخَذَلَه.

يقول عطاء الخراساني: [[لقيت وهب بن منبه وهو يطوف بالبيت، فقلت: حدثني حديثاً أحفظه عنك في مقامي هذا وأوجز، قال: نعم، أوحى الله تبارك وتعالى إلى نبيه داوُد عليه السلام: يا داوُد! أما وعزتي وعظمتي لا يعتصم بي عبدٌ من عبادي دون خلقي، أعرف ذلك من نيته، فتكيده السماوات السبع ومن فيهن، والأراضون السبع ومن فيهن، إلا جعلتُ له من بينهن مخرجاً، أما وعزتي وعظمتي لا يعتصم عبدٌ من عبادي بمخلوقٍ دوني، أعرف ذلك من نيته، إلا قطعتُ أسباب السماء من يده، وأسخت الأرض من تحت قدمه، ثم لا أبالي بأي أوديتها هلك]].

ألا فاتقوا الله رحمكم الله، وأحسنوا الظن بربكم، وأحسنوا العمل؛ فربكم سبحانه رب الأرباب، ومسبب الأسباب، و {تداووا ولا تتداووا بالحرام}.

هذا وصلوا وسلموا على المبعوث رحمةً للعالمين، فقد أمركم بذلك ربكم، فقال عز من قائل: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب:٥٦].

اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد صاحب الوجه الأنور، والجبين الأزهر، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وعلى أزواجه أمهات المؤمنين.

وارضَ اللهم عن الخلفاء الأربعة الراشدين: أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وعن سائر الصحابة والتابعين، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك وكرمك وجودك يا أكرم الأكرمين.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، واحمِ حوزة الدين، ودمر الطغاة والملحدين.

اللهم وانصر عبادك المؤمنين.

اللهم وانصر دينك، وكتابك، وسنة نبيك محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وعبادك الصالحين.

اللهم آمِنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا في من خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين!

اللهم وأيد بالحق إمامنا وولي أمرنا، ووفقه لما تحب وترضى، وارزقه البطانة الصالحة.

اللهم وأعز به دينك، وأعلِ به كلمتك، واجمع به كلمة المسلمين على الحق يا رب العالمين!

اللهم وفق ولاة أمور المسلمين للعمل بكتابك وبسنة نبيك محمدٍ صلى الله عليه وسلم، واجعلهم رحمة لرعاياهم، واجمعهم على الحق يا رب العالمين!

اللهم وأبرم لأمة الإسلام أمر رشد؛ يُعَزُّ فيه أهل طاعتك، ويُذَلُّ فيه أهل معصيتك، ويُؤْمَر فيه بالمعروف، ويُنْهَى فيه عن المنكر؛ إنك على كل شيء قدير.

اللهم انصر المجاهدين الذين يجاهدون في سبيلك لإعلاء كلمتك وإعزاز دينك.

اللهم انصرهم في فلسطين، والشيشان، وفي كشمير، والبوسنة، وفي كل مكانٍ يا رب العالمين!

اللهم ارفع عنا الغلاء والوباء والربا والزنا والزلازل والمحن وسوء الفتن، ما ظهر منها وما بطن، عن بلدنا هذا وعن سائر بلاد المسلمين يا رب العالمين.

رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ، رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.

عباد الله: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ، وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى، وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ؛ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ.

فاذكروا الله يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.