للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[اختلاف الناس في ضعف النفوس وقوتها]

إذا كان الأمر كذلك أيها المسلمون، فلتعلموا أن الناس تختلف في ضعف نفوسها، وقوة إرادتها، وصدق يقينها، وتعلقها بربها، وقوة تأثير الوساوس عليها.

فأهل الإيمان والتقوى: {إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ} [الأعراف:٢٠١] تذكروا ورجعوا إلى ربهم موقنين أنه النافع الضار، الحكيم المدبر، {فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ} [الأعراف:٢٠١]، {يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ} [يونس:٩] فيعتدل حالهم، ويستقيم مزاجهم، اتقوا ربهم فجعل لهم نوراً يمشون به، {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً} [الطلاق:٢ - ٣] إنهم مؤمنون غير متذبذبين، متزنون غير مترددين، إيمان راسخ، ومعتقد ثابت، لا تقعدهم الضغوط، ولا تستفزهم الأوهام، شيطانهم في وسواسه خناس، نفوس طيبة، بذكر الله مطمئنة، ترضى بربها، وتؤمن بما جاء من عنده، متطهرة من الغل، صادقة في التعامل.

وثمة نفوس -أيها الإخوة- ذات تردد وتعجل، وقلة صبر وقلق، متسرعة في مواقفها، متقلبة في انفعالاتها، تتعرض للمزعجات النفسية، والمقلقات الداخلية، يتلبسها الخوف والاضطراب، والعدوان والغضب، ضعيفة الإبصار، مهتزة الجنان، {وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ} [الأعراف:٢٠٢] سرعان ما ينساقون وراء الأوهام، بل ينجرون إلى ألوان من الانحرافات والمعاصي، فيكثر وسواسهم، ويعظم بغير الله تعلقهم، ويشتد بالخزعبلات اهتمامهم: فيما يسمعون، وفيما يرون، وفيما يعطون.