أيها المسلمون: حقٌ على أهل الإسلام أن يسلكوا مسالك الرفق واللين والتيسير في الأمر كله، بلا مداهنة ولا مجاملة ولا مجافاةٍ للحق والطريق المستقيم.
عليكم بالتيسير في التربية والتعليم والدعوة إلى الله والرفق بالطلاب والمدعوين، ولقد قال موسى عليه السلام للعبد الصالح:{هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً}[الكهف:٦٦]{لا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً}[الكهف:٧٣] خذوا الناس باليسير من الأمر لا تجشموهم المصاعب، ولا تكلفوهم عسراً:{بشروا ولا تنفروا، ويسروا ولا تعسروا}، و {ما كان الرفق في شيء إلا زانه، وما نزع من شيء إلا شانه}.
أخرج الترمذي بإسنادٍ حسن عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:{حرم على النار كل هينٍ لينٍ سهلٍ قريبٍ من الناس}.
وعلى أهل العلم -وفقهم الله- ملاحظة التيسير في الفتوى، ومراعاة أحوال المستفتين، وإبعادهم عن مواقف الحرج، مع ما يلزم من تحري الحق والصواب يقول سفيان الثوري رحمه الله: إنما العلم الرخصة عن ثقة، أما التشديد فيحسنه كل أحد.
ويقول إبراهيم النخعي رحمه الله: إذا تخالجك أمران، فإن أحبهما إلى الله أيسرهما.
ويقول الشعبي رحمه الله: إذا اختلف عليك أمران، فإن أيسرهما أقربهما إلى الله، يقول سبحانه:{يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}[البقرة:١٨٥].
ومن رقى المنابر، وتبوأ صدور المجالس، فحسنٌ منه أن يقول برفق، ويعظ بلين، وأن يعين الموعوظين على حسن الظن بربهم، فخير دينكم أيسره، وحين بال الأعرابي في المسجد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه رضي الله عنهم:{لا تزرموه -أي لا تقطعوا عليه بوله- إنما بعثتم ميسرين} حكمة في الدعوة، وسلامة في الحجة، وإخلاص في النصيحة، وإحسان في الموعظة.