الحمد لله؛ خلق الخلق فأتقن وأحكم، وفضَّل بني آدم على كثير ممن خلق وكرَّم، أحمده سبحانه حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، يليق بجلاله الأعظم، وأشكره وأثني عليه على ما تفضل وأنعم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الأعزُّ الأكرم، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبد الله ورسوله المبعوث بالشرع المطهر والدِّين الأقوم، صلى الله وبارك عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فأوصيكم أيها الناس ونفسي بتقوى الله عز وجل، فاتقوا الله رحمكم الله، فمن اتقى ربه فاز وسعد، ونال يوم الجزاء جميل ما وُعد، أخلصوا لربكم في العبادة والطاعة، والزموا الجمعة والجماعة، وبادروا الأعمار بصالح الأعمال، وأعدوا العدة ليوم لا بيع فيه ولا خلال، اعتبروا بما طوت الأيام من صحائف السالفين، واتعظوا بما أذهبت المنايا من أماني المسرفين.
أيها المسلمون! ما أجمل القوة في الحق حين تندفع برداً وسلاماً، فترفع المظالم النازلة على الأفئدة الكسيرة، وتطفئ الآلام المبرحة التي تحل بالمظلومين والمستضعفين، ولا يعرف فضل القوة المؤيدة للحق إلا من شقي تحت وطأة الطغيان دهراً طويلاً، إن الضعيف والمظلوم كليهما يستقبلان طلائع القوة وزمجرتها كبوارق صبح تشق دامس الظلام، ما أجمل القوة العادلة عندما تحق الحق وتبطل الباطل.