وفي ميدان العلم والتعليم والنشر كم من كتب قيمة ألفت من أجل أن تُهدى لأميرٍ، يقدر العلم، ويحترم أهله، بل أنشئت دور العلم ومدارسه تحت نظر هؤلاء الأمراء النبلاء، فبيت الحكمة في بغداد أسسه هارون الرشيد، واعتنى به من بعده ابنه المأمون، والمدرسة النظامية التي بناها في بغداد الوزير المظفر نظام الملك وزير السلطان ملكشاه بن ألب أرسلان السلجوقي سنة: تسع وخمسين وأربعمائة للهجرة، ثم بنى مدرسة أخرى في نيسابور سميت النظامية أيضاً، ثم تتابع الناس بعد ذلك في العراق وخراسان وبلاد الجزيرة، وصلاح الدين الأيوبي اشتهر ببناء المدارس ورعايتها، وأول مدرسة بناها هي المدرسة الناصرية بـ الفسطاط سنة ست وخمسين وخمسمائة للهجرة.
والحديث عن المدارس ليس فقط لأنها دُوْرٌ للعلم؛ ولكننا لأن هذه المدارس غالباً ما تشمل مرافق من الإعاشة والأرزاق، ويضع الواقفون من الشروط ما يحفظها، ويحفظ المنتسبين إليها في معاشهم ومواصلة تعليمهم.