كذلك أيضاً: عدم تعجل التصدر بمعنى: ألا ينتصب للتدريس إذا لم يكن أهلاً، أو يذكر دروساً لا يعرفها، عليه أن يقول: لا أدري، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول:{المتشبع بما لم يعطَ كلابس ثوبي زور}.
ويقول أبو بكر الشبلي: من تصدر قبل أوانه فقد تصدى لهوانه.
ويقول أبو حنيفة رحمه الله: من طلب الرئاسة في غير حينه لم يزل في ذل ما بقي، واللبيب من صان نفسه عن تعرضها لما يعد فيها ناقصاً، وبتعاطيه إياها ظالماً.
قول: لا أدري أمر معروف أيضاً، والله عز وجل يقول:{وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ}[النحل:١١٦]، كذلك لا ينبغي له أن يستنكف عن السؤال وأن يسأل، فإنما شفاء العي السؤال.
إذا كنت لا تدري ولم تك بالذي يسائل من يدري فيكف إذاً تدري؟
وقالوا: إن حسن السؤال هو نصف العلم، والمراد بالسؤال ما قصد به الطالب الفائدة، أما سؤال التعنت، أو سؤال البروز على الأقران، أو سؤال إظهار التعالم فإن هذا من قلة الأدب، بل من قلة التوفيق، ولهذا ينبغي لطالب العلم -في أي مكان حتى ولو كان في حلقات- ألا يوجه سؤالاً لأي واعظ أو دارس أو طالب علم إلا إذا كان يريد حقاً أو فائدةً، أما أن يسأل ليختبر أو ليظهر علمه أو ينافس زملاءه، فهذا ليس من الأدب، بل لعله من علامات الحرمان.