[صدق اللهجة]
الحمد لله الذي أظل بعدله وبفضله هدى، خلق الخلق ولم يتركهم سُدى، أحمده سبحانه وأشكره، وأتوب إليه وأستغفره.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، لم يتخذ صاحبة ولا ولداً، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبد الله ورسوله، كرُم رسولاً وشرُف عبداً، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه، نجوم الدجى، ومصابيح الهدى، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فإن من أهم ما تحتاج إليه الجماعة في سعادتها، والأمة في جمع كلمتها، وإدارة شأنها صدقَ اللهجة.
وإن الجماعة لتسعد، وإن شأنها لينتظم على قدر التزامها بفضيلة الصدق، فالأقوال والأعمال والتعاملات لا يستقيم سيرها، ولا ينضبط مسارها، إلا أن تديرها لهجةٌ صادقة، والعلاقات والصداقات لا يشتد رباطها إلا بقدر ما تكون ملتزمةً بصدق اللهجة، وقد يكون للكاذب صديقُ منفعة، ولكنه لن يجد في إخوان الفضيلة صديقاً حميماً.
وإنه يجب أن توزَن الكلمة، ويُتَحَرى الحق، ويُلْتَزم الصدق، فالكذب والبهتان خرقٌ للمصالح، وإضرارٌ بالناس، وتقطيع للأواصر.
وإن من المجزوم المحقق أن صدق الأقوال بريدٌ لصدق الأعمال وصلاح الأحوال، فالحرص على الحق والتزام الصدق يقود إلى كل جوامع الخير، وفي الحديث الصحيح: {عليكم بالصدق، فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، ولا يزال الرجل يصدُق ويتحرى الصدق حتى يُكتب عند الله صديقاً، وإياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يُكتب عند الله كذاباً}.
فلا تكن -يا عبد الله- ممن إذا سمع خبراً طار به كل مطار، وسعى إلى نشره في الأقطار، من غير أن يتثبت في صحته، أو ينظر في جدوى نشره أفاك أثيم، هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ لا تردعه تقوى، ولا يرده دين، ولا تحجزه مروءة إذا حضر مجلساً أطلق الأكاذيب، وإذا دخل موقعاً أتى بالأعاجيب يسوق ما لا يخطر على بال، ويعلِّق بما يشبه الخيال أو الخبال، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم!
واللبيب لا يتكلم إلا بعد التثبت، ناهيكم بالمؤمن التقي، فـ {كفى بالمرء إثماً أن يحدِّث بكل ما سمع}، ومن حدَّث بكل ما سمع فقد أزرى رأيَه، وأفسد صدقَه، وقد قيل في الحكمة: من غلب لسانَه أمَّره قومُه، ولا يُسارع في الحديث إلا من هانت عليه نفسه، ومن اشتغل بما لا يعلم اتهم فيما يعلم.
ألا فاتقوا الله -رحمكم الله- {وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً} [الأحزاب:٧٠ - ٧١].
ثم صلوا وسلموا على الرحمة المهداة، والنعمة المسداة، نبيكم محمد رسول الله، فقد أمركم بذلك ربكم جل في علاه، فقال في محكم تنزيله قولاً كريماً: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب:٥٦].
اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك نبينا محمد، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وعلى أزواجه أمهات المؤمنين،
وارضَ اللهم عن الخلفاء الأربعة الراشدين، الذين قضوا بالحق وبه كانوا يعدلون؛ أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وعن بقية الصحابة أجمعين، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بعفوك وجودك وإحسانك يا أكرم الأكرمين!
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، واخذل الطغاة والملاحدة وسائر أعداء الدين، وانصر عبادك المؤمنين.
اللهم آمِنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، وأيّد بالحق والتوفيق والهدى والتسديد إمامنا وولي أمرنا، وارزقه البطانة الصالحة التي تدله على الخير وتعينه عليه اللهم أعز به دينك، وأعلِ به كلمتك، واجعله نصرة للإسلام والمسلمين، واجمع به كلمتهم على الحق والهدى يا رب العالمين!
اللهم وفق ولاة أمور المسلمين للعمل بكتابك، وبسنة نبيك محمدٍ صلى الله عليه وسلم، واجعلهم رحمةً لعبادك المؤمنين، واجمع كلمتهم على الحق والهدى يا رب العالمين!
اللهم أبرم لأمة الإسلام أمر رشدٍ يُعَزُّ فيه أهل طاعتك، ويُهْدَى فيه أهل معصيتك، ويُؤْمَر فيه بالمعروف، ويُنْهَى فيه عن المنكر إنك على كل شيء قدير.
اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها معادنا، واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير، والموت راحة لنا من كل شر، وأحسن عاقبتنا في الأمور كلها، وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة.
اللهم انصر المجاهدين، اللهم انصر المجاهدين الذين يجاهدون في سبيلك لإعلاء كلمتك، وإعزاز دينك.
اللهم انصرهم في فلسطين، وفي كل مكان.
اللهم سدد سهامهم وآراءهم، واجمع كلمتهم، واكتب نصرهم، واجعل الدائرة على أعدائهم يا قوي يا عزيز!
اللهم عليك باليهود الصهاينة، اللهم عليك باليهود الصهاينة المعتدين، اللهم عليك بهم فإنهم لا يعجزونك، اللهم أنزل بهم بأسك الذي لا يُرد عن القوم المجرمين، اللهم أنزل بهم بأسك الذي لا يُرد عن القوم المجرمين.
اللهم من أرادنا وأراد الإسلام والمسلمين بسوء فأشغله بنفسه، واجعل كيده في نحره، واجعل تدبيره تدميره، يا رب العالمين.
اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين.
اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا.
اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفاراً، فأرسل السماء علينا مدراراً، واجعل اللهم ما أنزلته قوة لنا على طاعتك، وبلاغاً إلى حين، اللهم إنا خلق من خلقك فلا تَمْنَعَنا بذنوبنا فضلك.
عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا لا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ، رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ،
رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ.
رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.
عباد الله: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى، وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ، يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ، فاذكر الله يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.