فضيلة الشيخ: كيف نجمع بين قول الرسول صلى الله عليه وسلم عن الخوارج: {تحقرون صلاتكم إلى صلاتهم، يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، فإن رأيتموهم فاقتلوهم} وبين الحديث الذي عاتب فيه الرسول صلى الله عليه وسلم أسامة بعد أن قتل أحد المشركين بعد أن قال: أشهد أن لا إله إلا الله، قال أسامة: إنما قالها خوفاً من القتل، فقال عليه الصلاة والسلام:{هلا شققت عن قلبه}؟
الجواب
لا يبدو أن هناك تعارضاً بين هذا وهذا، لأن نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم جعلنا على المحجة البيضاء، وقضية معالم الدين ظاهرة فيما يتعلق بالتوحيد، وفيما يتعلق بالمكفرات، ولهذا عقد العلماء رحمهم الله باب الردة، وأحكام الردة والمرتد، وعلي رضي الله عنه قاتل الخوارج، والخوارج فئات منهم من عبّد علياً وجعله إلهاً مع أنهم أهل عبادة، بمعنى أنه ليس مجرد قراءة القرآن، ومظاهر الصلاح من حيث الصلاة والخشوع تنفع الإنسان إذا أتى بمكفر، فهم يخرجون من الدين، وليس حكمنا على خروجهم من الدين بأشياء غير ظاهرة، بل إن من يكفر يكفر بأمر ظاهر، نحن لا نكفر بالنوايا ولا نكفر بالقلوب، فإذا أتى بمكفر ولو كان ظاهره الصلاح فإنه كافر، كأن استهزأ بالله أو بالرسول، أو أنكر شيئاً معلوماً من الدين بالضرورة، أو أشرك بالله عز وجل، أو جعل لله نداً، أو دعا غير الله، أو أشرك بالله، وإن صلى وصام، وإن أتى بالشعائر الإسلامية الظاهرة من الصلاة والزكاة، وإن قرأ القرآن، وكم من قارئ يقرأ القرآن وهو يلعنه، فإذا قرأ القرآن وأتى بمكفر، فهو كافر وإن قرأ القرآن إلا إذا تاب.
أما قضية أسامة رضي الله عنه فإن ذلك الرجل أتى بظاهر الإسلام، قال: لا إله إلا الله، فهو مسلم في الظاهر، أما قول أسامة رضي الله عنه: ما قالها إلا خوفاً من السيف، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:{أشققت عن قلبه؟} فالذين يخرجون من الدين كما يخرج السهم من الرمية قد أتوا بمكفر ظاهر، وهذا هو مسلك أهل السنة والجماعة.