لعلنا أشرنا في إشارات من الخوف من الشرك، ولعلكم أيضاً لمستم الانحرافات في العالم الإسلامي.
والآيات الكثيرة والجميلة في معناها والواضحة في دلالتها حتى في حق الأنبياء عليهم السلام -وحاشاهم أن يشركوا- مما يدل على أن الأمر مخوف، ولهذا نقول: إن هذه الأدلة المتكاثرة والحجج المتظاهرة والبراهين المتواترة ما كانت إلا لعظم الأمر وخطر شأنه، وشدة الخوف فيه على الناس من الانحراف، والقلوب من الزيغ، ولماذا لا يخاف عليه والشياطين ما فتئت تترقب لبني آدم تجتالهم وتغويهم كما جاء في الحديث القدسي:{خلقت عبادي حنفاء كلهم، وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم فحرمت عليهم ما أحللت لهم، وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطاناً} الحديث رواه مسلم وأحمد.
ولماذا لا يأتي الخوف من الشرك والنبي عليه الصلاة والسلام يقول:{أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر، وعندما سئل عنه قال: الرياء} وقد علق على ذلك الشيخ عبد الرحمن بن حسن رحمه الله في شرح كتاب التوحيد فقال: فإذا كان الشرك الأصغر مخوفاً على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مع كمال علمهم وقوة إيمانهم؛ فكيف لا يخافه من هو دونهم في العلم والإيمان بالمراتب، قال: خصوصاً إذا عرف أن أكثر علماء الأمصار في الأزمنة المتأخرة لا يعرفون من التوحيد إلا ما أقر به المشركون -أي: توحيد الربوبية- وما عرفوا معنى الألوهية التي نفتها كلمة الإخلاص عن كل ما سوى الله عز وجل.
وكذلك في حديث:{الشرك أصغر من دبيب النمل} أيضاً قال رحمه الله: إن تخوف الخليلين عليهما السلام لما يريانه من سنن الله في مصير الأمم بعد الأنبياء، وكيف تصبح -إن لم يحفظها ربها- فريسة لشياطين الإنس والجن والدجالين والمضلين من عباد الأوثان والجاهلية في كل زمان ومكان.
فالخوف من الشرك شديد، وقد ذكرنا لكم صور تعلق الناس بالسحر والكهانة والخوف والشعوذة وفشوها، إنها دليل على خلل في العقيدة، وعلى خلل في توحيد العبادة والألوهية.