للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[اختلاف مطالع الأهلة بين البلدان والأقاليم]

الحمد لله، الحمد لله بنى السماء فأحكم ما بنى، أحمده سبحانه وأشكره أجزل العطاء لمن كان محسناً، وغفر الذنب لمن أساء وجنى.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، مسراً ومعلناً، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبد الله ورسوله، دعا إلى الله فما ضعف وما وَنَى، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه أهل العز والسنا، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

إن اختلاف مطالع الأهلة بين البلدان والأقاليم أمر متقرر عند أهل الشأن، ولكن أهل العلم رحمهم الله اختلفوا إذا رئي الهلال في بلد أو إقليم فهل يلزم جميع البلدان الصيام؟

فذهب جمهور أهل العلم إلى أن لكل قوم رؤيتهم.

وذهبت طوائف من أهل العلم إلى القول بلزوم الصوم على الجميع.

والأمر في هذه المسألة واسع، والاجتهاد فيها فسيح، غير أنه لا ينبغي التهويل ولا الإرجاف في أن اختلاف الأقطار الإسلامية في يومي الصوم والإفطار مدعاة للتفكك والنزاع.

فالدعوة إلى وحدة المسلمين واتحادهم أمر غير مختلف عليه، بل هو من أعظم المطالب الشرعية، وينبغي على أهل العلم والدين والفقه والرأي تكريس الجهد وتكثيف العمل من أجل هذه الوحدة العظيمة؛ ولكن اختلاف المسلمين في يوم صومهم ويوم فطرهم، لا أثر له في هذا المطلب السامي؛ لأن المسلمين كانوا متحدين مع اختلافهم في وقت دخول الشهر وخروجه، فهذا عبد الله بن عباس رضي الله عنهما في مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يوافق معاوية رضي الله عنه في الشام في يوم الدخول، ولا في يوم الخروج، ولم تتفرق القلوب، ولم يتشتت شمل الأمة الموحدة.

والوحدة الإسلامية لا تتم بارتجالية الفكر، ولا بعاطفة الشعور، إن من الجميل والأولى الاشتغال بما يجمع الكلمة من الحكم بشرع الله، ورسم طريق الإصلاح، وسلامة القلوب، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وتربية أبناء المسلمين على منهج الإسلام بالحكمة والموعظة الحسنة.

وهناك -أيها المسلمون- أمر آخر مرتبط بهذه المسألة، ذلكم أن أعياد المسلمين ليست مهرجانات لمظاهر الأفراح، ولكنها إلى جانب ذلك هي أعياد يُراعى فيها الانقياد والطاعة، فهي فرحة وعبادة، يؤديها المسلمون ويمارسونها طاعة لله: {لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ} [البقرة:١٨٥] لا حسب الأهواء والرغبات والمصالح، فالتوجيه الشرعي صريح: {لا تصوموا حتى تروا الهلال، ولا تفطروا حتى تروا الهلال، فإن غُمَّ عليكم فأكملوا العدة ثلاثين}.

ألا فاتقوا الله رحمكم الله، واستقيموا على الطاعات، وتأملوا في حكم التشريع.

ثم صلوا وسلموا على البشير النذير، والسراج المنير، نبيكم محمد المصطفى ورسولكم المجتبى، فقد أمركم بذلك ربكم جلَّ وعَلا فقال في محكم كتابه قولاً كريماً: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب:٥٦].

اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، نبيه الرحمة والملحمة، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وعلى أزواجه أمهات المؤمنين.

وارضَ اللهم عن الخلفاء الأربعة الراشدين: أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وعن الصحابة أجمعين والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك وجودك وإحسانك يا أكرم الأكرمين.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، واحمِ حوزة الدين، وانصر عبادك المؤمنين، واخذل الطغاة والملاحدة وسائر أعداء الدين.

اللهم آمِنا في أوطاننا، اللهم آمِنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل اللهم ولايتنا في من خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين.

اللهم وفق إمامنا وولي أمرنا بتوفيقك، وأيده بتأييدك، وأعز به دينك، وأعلِ به كلمتك، وارزقه البطانة الصالحة، وأصلح له شأنه، واجمع به كلمة المسلمين على الحق يا رب العالمين.

اللهم وفق ولاة أمور المسلمين للعمل بكتابك وبسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم، واجعلهم رحمة لعبادك المؤمنين، واجمع كلمتهم على الحق يا رب العالمين.

اللهم وأبرم لأمة الإسلام أمر رُشد، يُعَزُّ فيه أهل طاعتك، ويُهْدَى فيه أهل معصيتك، ويُؤْمَرُ فيه بالمعروف، ويُنْهَى فيه عن المنكر، إنك على كل شيء قدير.

اللهم انصر المجاهدين في سبيلك، اللهم انصر المجاهدين في سبيلك في كل مكان.

اللهم انصرهم في فلسطين، وفي كشمير، وفي الشيشان.

اللهم واجعل الدائرة على أعدائهم يا رب العالمين.

اللهم عليك باليهود المحتلين.

اللهم عليك باليهود المحتلين الغاصبين.

اللهم إنهم قد طغَوا وبغَوا وآذَوا وأفسدوا وقتَّلوا ودمَّروا.

اللهم وأنزل بهم بأسك الذي لا يُرد عن القوم المجرمين.

اللهم وارحم موتانا، واشف مرضانا، وفك أسرانا، وأصلح لنا شأننا كله يا رب العالمين.

اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين.

اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا.

اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفاراً، فأرسل السماء علينا مدراراً، واجعل ما أنزلته قوة لنا على طاعتك، وبلاغاً إلى حين.

ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم.

ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من القوم الخاسرين.

ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.

عباد الله: إن الله يأمر بالعدل والإحسان، وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، يعظكم لعلكم تذكرون.

فاذكروا الله يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.