التوحيد له عدة أسماء، وسوف نذكرها لبيان أهميتها فهو الفقه الحقيقي، أو الفقه الأكبر وهو علم التوحيد وعلم العقيدة، وأحياناً يسمونه: علم الكلام، وهذا هو الذي أدخل اللبس على هذا العلم وأدخل الخوف، وهو الذي قد نشير إليه -إن شاء الله- في طريقة تعليم التوحيد، فإن الخطأ الذي وقع فيه بعض العلماء السابقين -رحمهم الله- أنهم فعلاً ما أحسنوا طريقة تعليم التوحيد حينما جعلوه علم كلام وجعلوه جدلاً، ودخلوا في قضايا لا تنفع العامة، وإنما صار دائراً في حلقة بين علماء خاصة، أو -إن صح التعبير- بين خاصة الخاصة، ولم يغنهم شيئاً.
بينما لو أخذوا بطريقة القرآن في عرض التوحيد وإثباته وبيان مكملاته وبيان ضده الذي هو الشرك، وكذلك توابع الشرك؛ لكان هذا أوضح من حيث البرهان والحجة، ومن حيث البيان والوضوح، ومن حيث التأثير والقبول، ومن حيث مخاطبة جميع الناس، سواء البدوي في باديته، والفلاح في مزرعته، والصانع في مصنعه، والعالم في درسه، والصغير في محضنه كل هؤلاء يخاطبون والقرآن قد خاطب الجميع.
لكن -مع الأسف- صار هناك نوع من عدم وضوح الطريق في طريقة التعليم عند المتقدمين، فسلكوا مسالك أهل الكلام، فما وصلوا إلى شيء، وإنما حصروه في دوائر بين علماء، ومع هذا لم يغن عنهم فتيلاً، والعامة أصبحت لا تعرف شيئاً، إلا بعض طرق صوفية، ودخلوا في الخرافات، ودخلوا في الأشياء التي زادت الطين بلة، بل أوقعته في صور من الشرك الأكبر المخرج من الملة.
فالحقيقة أن التوحيد هو الفقه الأكبر، وهو علم العقيدة، ولهذا في قوله عز وجل:{فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ}[التوبة:١٢٢] فأول الفقه في الدين هو الفقه في التوحيد وكذلك في قوله صلى الله عليه وسلم: {من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين} فأول مراحل التفقه وأعظمها هو التفقه في توحيد الله عز وجل.