عندما يدخل المتحاوران في الحوار فإنهما يلتزمان بالطرق العلمية، من هذه الطرق مثلاً: تقديم الأدلة المثبتة، بمعنى: أن كل طرف يُقدِّم أدلته المثبتة أو المرجحة للدعوى، أما أن يكون كلاماً في هواء، وكلاماً هباءً، فهذا معلوم أنه بعيد عن الحوار، فمن أصول الحوار أن تأتي بأمر واضح بيِّن في نفسك إما بجلاء عباراته، أو بجلاء دليله.
ثانياً: صحة النقل في الأمور المنقولة لا بد منها، وفي هذين الطريقين جاءت القاعدة الحوارية المشهورة: إن كنت ناقلاً فالصحة، وإن كنت مُدَّعياً فالدليل.
هذه قضية لا يجوز أن يدخل المتحاوران إلا وقد تسلحا بها، لأن المادة التي معهما أو يريدان أن يطرحاها فيما بينهما لا بد أن تكون مُدعمة بدليل إن كانت قضايا عقلية، وإذا كانت أخباراً لا بد أن تكون مثبتة، وفي التنزيل جاء قوله سبحانه وتعالى:{قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}[البقرة:١١١] وقد جاء ذلك في أكثر من آية، وجاء قوله تعالى:{قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ هَذَا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي}[الأنبياء:٢٤] وجاء في آية أخرى في بني إسرائيل: {قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}[آل عمران:٩٣] هذا هو الأصل الأول.