منطقة البوسنة ميدان الفصل بألوان الخداع السياسي والنفاق الدبلوماسي، فاضحة لأولئك الذين يتزعمون العالم الحر، ويدافعون عن حقوق الإنسان، ويرفعون المظالم عن البشرية، فاضحة للغرب وأهله بنصرانيته وصليبيته.
إنهم قوم لا يستطيعون العيش ولا يطيقونه إلا بالتفرقة الدينية والتمييز العنصري، فاضحة ثم فاضحة حين يرفضون أن تقوم دولة مسلمة من بني جلدتهم في أوروبا، لقد أثبتت قضية البوسنة أن النصارى لا يقبلون تعدد الأديان ولا تعدد المذاهب، فهذه هي البوسنة، وتلك هي الشيشان، وكم هو من حقك -أيها المسلم- أن تنظر في الأحزاب وتفسرها بعد ذلك وتعرف بواعثها وغاياتها.
إنها فاضحة لأعداء الإسلام، وهي فاضحة -في ذات الوقت- لفئات من أهل الإسلام، دولاً، وشعوباً، في تخاذلهم عن حقوق إخوانهم في سلامة أنفسهم، وأعراضهم، وحماية ديارهم وأوطانهم، والغيرة على عقيدتهم وأمتهم، وهي فاضحة للمهزومين في داخل نفوسهم، فالغرب -يا هؤلاء- لا يكفيه أن يلبس المهزومون من اللباس كما يلبسون، وأن يجروا كلاباً بقلائد الذهب كما يجرون، لا يكفيه أن يُردد الرقيع من فطرياته، والحقير من تقليعاته.
إن مقصدهم الأعظم، وهدفهم الأكبر هو التخلي عن الإسلام، والانتماء إلى المحفل الكنائسي:{وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا}[البقرة:٢١٧].