الحمد لله أعطى فأجزل، ومنَّ فأفضل، أحمده سبحانه وأشكره، وأتوب إليه وأستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبد الله ورسوله، صاحب الخلق الأفضل، والنعت الأكمل، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه والتابعين، ومن تبعهم بإحسان وسار على نهج صبر الأولين.
أما بعد:
أيها الإخوة: في ذاكرة التاريخ ليست هذه هي المذبحة الأولى التي يتعرض لها المسلمون من قبل أعدائهم من اليهود والنصارى والمشركين، مع التتار مذابح وفي الأندلس وبلاد الشام مع الصليبيين مذابح وفي بلاد البلقان مع الشيوعيين والنصارى مذابح وفي الهند وكشمير مذابح وفي فلسطين وصبرا وشاتيلا مع اليهود مذابح وفي بورما والفليبين مذابح، ولكن مذبحة البوسنة تزداد شناعتها، وتعظم فضاعتها، بجلاء موقف عالم اليهود والنصارى المستحكم، وتخاذل المسلمين أنفسهم، وهوانهم على أنفسهم وعلى الناس.
إنها مأساة عميقة الأثر جسيمة الخطب! في عبث دولي قذر، وتصرفات ساخطة مزرية، ولن يكون الحلَّ ولن يتم الخروج من المأساة إلا حين تتولد القناعات، بأن حماية الأديان، والحفاظ على الأوطان، لا يكون ولن يكون من خلال مفاوضات كاذبة، والتماسات هزيلة، ووعود مضللة، وكلمات معسولة، ولكنها العقيدة الإيمانية، والتربية الصارمة، والقوة الضاربة، والتخطيط السليم، والصبر الجميل، وقذيفة من حديد خير من ألف قذيفة من كلام، وإننا لن نمل مناشدة دولنا الإسلامية، وشعوبنا المسلمة؛ لتقف مع قضاياها وقوفاً صادقاً مع وضوح في الرؤية وتمييز للأعداء:{وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيّاً وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيراً}[النساء:٤٥].