إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبد الله ورسوله، بعثه بالهدى ودين الحق؛ ليظهره على الدين كله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فأوصيكم -أيها الناس- ونفسي بتقوى الله عز وجل، فنعم اللباس التقوى، ونعم الزاد التقوى.
أيها المسلمون: إن أهل العقل والعلم والنظر المتوازن، ليسوا بمغرمين ولا بمبالغين في تصوير أن وراء كل حدث مؤامرة، ولا من المتوهمين أن خلف كل حديث تآمراً، ولكنهم في ذات الوقت لن يكونوا من أولئك الذين يسلمون القياد، ويرخون الزمام؛ لتقودهم أفكار فاسدة، أو تضلهم دعوات ماكرة، أو يسيروا خلف كل ناعق.
إننا بين يدي مؤتمر سوف ينعقد قريباً هذه الأيام؛ ليتحدث ويوصي ويقرر عن المرأة والأسرة والبيت وشئونه، يتحدث عن التنمية والسلام والمساواة، مؤتمر منتسب إلى الأمم المتحدة.
كم تحدثوا وائتمروا عن التنمية والأمية، والتعليم والصحة، ورفع الفقر، وحقوق الإنسان، وكرامة الإنسان، وأعباء المديونية في العالم الثالث، وهذه كلها كلمات جميلة، ودعوات براقة، كل يحبها، وكل يتمنى تحقيقها، لقد مر على قيام هذه المنظمة خمسون عاماً فأي فقر رفع؟
وأي سلام رسخ؟
وأي كرامة للإنسانية حفظت؟
إن سيطرة القرار الغربي على مجريات الأمور، أضحت واضحة بينة، إنه وحده الذي يستصدر قرارات لها أثرها ونفاذها إذا شاء، وتكون الأخرى حبراً على ورق إذا شاء.
من هذه المسلمات يكون الحديث عن مؤتمر المرأة هذا، ومن هذه المنطلقات يكون النظر إلى هذا المؤتمر، إنه مؤتمر لا يعلو فيه إلا صوت الجمعيات المتطرفة التي أعلنت الحرب منذ زمن على الأسرة والحياة الكريمة والبيت الكريم، التطرف الذي دعا بغلوه إلى الحرية الجنسية، والتفسخ الخلقي، والدعارة المعلنة المقننة، دعوات ومقررات تصادم الفطرة وتنابذ كل القيم الإيمانية المستقرة في ضمائر الأسوياء من البشر.
وحينما يقال: إن التطرف هو الذي يعد أوراق عمل هذا المؤتمر وهو الذي يصوغ وثائقه وتوصياته، ليس هذا من جزاف القول، ولا من دعاوى الباطل.
إن جماعات التطرف النسائية لها دور فعال للإعداد، وإن أعضاء تلك الجمعيات نساء شاذات متعاطيات للسحاق، تطرف ينظر إلى مصطلح الأسرة والبيت العائلي نظر ازدراء وتنقص، ونظر رجعية ومخلفات القرون البائدة